للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل

بيع المرابحة جائز ولا يكره، وصورته: أن يخبر برأي ماله في السلعة ثم يبيعه بزيادة شيء معلوم في كل درهم أو في كل عشرة فيكون رأي المال معلوماً لهما والزيادة [١٨٥/ ب] معلومة لهما على كل درهم أو كل عشرة، وقال ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم: يكره ذلك ولا يحرم، وقال إسحاق: لا يجوز، لأن الثمن مجهول في ابتدائه وهذا غلط، لأن الثمن معلوم من غير رجوع إليها فجاز، كما لو قال: بعتك هذه الصبرة كل قفيز بدرهم، وإن وجب كليهما لمعرفة مبلغ الثمن فإذا تقرر هذا فالكلام الآن في العبارة التي تصح أن يخبر البائع عن رأس المال فإن لم يكن أنفق عليها ولا عمل فيها يخبر عن رأس ماله بإحدى أربع عبارات: إن شاء قال: اشتريته بكذا وإن شاء قال: هو علي بكذا فأيها قال فقد صدق، فإن كان الشراء بمائة درهم فقال: بعتكه برأس مالي وربح درهم في كل عشرة يعلم أن الثمن مائة وعشرة وعلى هذا الباب وإن كان أنفق عليها مثل أجرة القصار والخياط والصباغ فإنه يخبر بإحدى عبارتين لأنه إن قال: اشتريتها بالثمن وبما أنفق عليها كان كاذباً، وإن قال: رأس مالي كذا كان كاذباً أيضاً لأن رأس المال عند الفقهاء عبارة عن الثمن الذي ملك به السلعة، فإذا كان كذلك يقول قام علي بكذا، وهو علي بكذا فيكون [١٨٦/ أ] صادقاً.

مثاله اشترى بتسعين وأنفق عليه عشرة ثم قال: قام علي بمائة بعتك بمائة وربح درهم في كل عشرة يجوز وإن كان صادقاً، وإن كان قد عمل فيها عملاً بنفسه فلا يجوز أن نضيف أجرة عمله إلى الثمن ويقول: قام علي أو هو علي بكذا لأن عمله في ملكه لا يتقوم عليه ولكنه يخبر عن صورة الحال فيقول: اشتريت بكذا وعملت عليه كذا بعتكه بكذا وربح درهم في كل عشرة وعلى هذا رفو الثوب، وكذلك إن تطوع غيره بالعمل له لا يضم إليه.

وقال بعض أصحابنا بخراسان: إن كان أنفق عليها يجوز أن يقول: رأس مالي فيه ويحسب أجرة القصار والخياط، ولكن لا يقول: ثمنه كذا ولا اشتريته بكذا وهو اختيار القاضي الطبري وهو القياس عندي، لأن رأس المال ما قامت به عليه ويطلب به الربح والثمن والنفقة في هذا سواء وعلى هذا مؤونه الكيال والدلال والرصدي ومؤونة الخباز وكري البيت الذي حفظه إن كان البيت يكرى، وإن كان البيت ملكاً أو تولى حمله أو كيله بنفسه لا يضم إليه إلا أن يصرح به على ما ذكرنا، وأما النفقة التي أنفقها على العبد [١٨٦/ ب] في المأكولات والملبوس لا يحتسب من رأس المال، لأنه لاستبقاء الملك لا أنه مؤونة التجارة، وقيل: إذا أنفق عليه أو كساه بما لابد منه هل يضيف بلفظ القيام وجهان.

فرع

لو تكرر شراء ثوب عنده مثل إن اشتراه وباعه مراراً ثم أراد المرابحة يخبر بما اشتراه به أخيراً فإن اشترى ثوباً بمائة ثم باعه بمائتين ثم اشتراه بخمسين فلا خيار عن الأخير وهو الخمسون. وحكي عن أبي حنيفة أنه قال: لا يبيعه مرابحة أصلاً لأنه ربح مثل رأس ماله الأخير فليس له رأس مال وهو وجه آخر لأصحابنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>