أنه خانه حططت الخيانة وحصتها من الربح" فإن كان المبيع قائماً كان للمشتري أن يرده فجعل للمشتري الخيار، هكذا نقل المزني وأراد به إذا علم ذلك بالبينة، ففرق بين الإقرار والبينة، وقال في "اختلاف العراقيين" في المسألة قولان: أحدهما: يمسكها المشتري بمائة وعشرة أو يرد، والثاني: وجبت للمشتري تسعة وتسعين، وظاهر المذهب أنه لا فصل بينهما، وفي الجملة في المسألة قولان كم يكون ثمنها؟
إحداهما: ثمنها مائة وعشرة. وبه قال أبو حنيفة ومحمد لأن المشتري دخل في العقد على أن يمسكها بهذا القدر ولم يرض للبائع أن يبيع بدون ذلك، والثاني: ثمنها تسعة وتسعون. وبه قال أبو يوسف: وهو الأصح لأن العقد عقد مرابحة، فلا بد من اعتبار الثمن الأول في العقد الثاني. وبه قال ابن أبي ليلى وأحمد.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: هذا إذا قال: أخطأت فإن قال: كذبت فظهر بالبينة أنه كذب فلا خلاف في وجوب الحط وهذا غريب، فإذا قلنا بالقول الأول فالمشتري بالخيار إن شاء [١٩٣/ ب] أمسكها بهذا القدر، وإن شاء فسخ لأن الخيانة قد ظهرت ولم يرض هو بها فإن فسخ فلا كلام، وإن أمسكها بمائة وعشرة فلا خيار للبائع لأنه لم ينقص عما باع به وعلى هذا لو قال البائع: أنا أحط عنك قدر الجناية وحصتها من الربح هل يسقط خيار المشتري؟ وجهان:
أحدهما: يسقط كما لو زال العيب، والثاني: لا يسقط لأنه لا يؤمن أنه خانه من وجه آخر، وإذا قلنا بالثاني فهل للمشتري الخيار؟ ذكره المزني وحرملة لأنه إذا اطلع من البائع على جناية لم يأمن من جنايته مرة ثانية والمعول من بيع المرابحة على الأمانة، وربما حلف أن يشتريها لمائة وعشرة فإذا بان أيضا مبيعة بأقل من ذلك لم يبر في يمينه.
والثاني: وهو الأصح لا خيار له لأنه قد زاده خيراً بنقصان الثمن، فلا يثبت الخيار كما لو باعه عبداً على أنه أمي فإذا هوكاتب لا خيار، ومن أصحابنا من ذكر طريقة ثانية وهي: أنه إذا ثبت بإقراره لا خيار والفرق أنه إذا ثبت بالبينة يقدح ذلك في أمانته وثقته وبالإقرار تزيد أمانته وهذه الطريقة أظهر وأشبه بالمذهب، [١٩٤/أ] ومن أصحابنا من ذكر طريقة ثالثة وهي: أنه إن كانت السلعة قائمة له الخيار سواء ثبت الخيانة بالبينة أو بالإقرار، وإن كانت تالفة لا خيار سواء يثبت بالبينة أو بالإقرار، والصحيح الطريقة الأولى.
وقال القاضي أبو حامد في "جامعه": قد قيل: لا يصح البيع بتسعة وتسعين إلا بتجديد العقا لأن هذا الثمن لم يكن معلوماً عنا العقد الأول، ولا يجوز بيع شيء يكون ثمنه مجهولاً عند العقد. وهذا قول بعض أصحابنا ذكره في "الحاوي" وهو غلط، لأن أكثر ما فيه أنه دلس على المشتري تدليساً يراد الثمن لأجله، وهذا لا يبطل البيع كما لو دلس العيب فإذا قلنا: له الخيار فاختار الإمساك فهل للبائع الخيار؟ وجهان، وقيل قولان: أحدهما: له الخيار لأنه دخل في العقد على أن يحصل له مائة وعشرة، فإذا لم يحصل له ذلك كان له الخيار وعلى هذا لو اختار المشتري التزام