للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذب حين حلف بحرية العبد غير أن المشتري يقول: حلف كاذبًا بحريته والذي مكنك يعتق عليك فيؤخذ إقراره متى ملك العبد، وهذا كما أن المشتري إذا أراد رد المبيع بعيب فقال البائع: كيف ترده عليّ؟ وقد أعتقته، فقال المشتري: ما أعتقته فالقول قوله يحلف أني ما أعتقته، فإذا رد على البائع عتق عليه بإقراره، ولو قبله المشتري، ثم قال: عتق على المشتري لأنه أحنث نفسه بتصديق البائع.

فرع آخر

لو اختلفا فقال أحدهما: بعتك هذا العبد بألف درهم وقبضتها فأنكر المشتري، وقال: لا بل بعت هذه الجارية مني بألف درهم، قال أصحابنا: لا يتحالفان؛ لأن التحالف إنما يثبت بين المتعاقدين إذا اتفقا على العقد واختلفا في صفته وليس كذلك ههنا؛ لأن كل واحد منهما يدعي عقدًا غير العقد الذي يدعيه الآخر والتحالف إنما يكون إذا اتفقا في انتقال ملكه إلى المشتري وههنا لا يوجد ذلك.

فإذا تقرر هذا، فإن لم يكن مع واحد منهما، بينة حلف هذا ما باع الأمة وأخذها وحلف المشتري [ق ١٥ ب] ما اشترى العبد، فإذا حلف نظر، فإذا كان العبد في يد المشتري لا يلزمه تسليمه إلى البائع لأنه لا يدعيه، وإن كان في يد البائع لم يجب على المشتري قبضه لأنه لا يدعيه، وإن كان مع كل منهما بينة وأقام البائع بينة أنه باع منه العبد وقبض الثمن، وأقام المشتري بينة أنه اشترى الجارية ووقر الثمن، فإن الجارية تسلم إلى المشتري، وأما العبد فإن كان في يد المشتري يترك في يده، ولا يرد على البائع؛ لأن البينة قد قامت بأنه ملكه ولا يدعيه أحد فأقر في يده، وإن كان في يد البائع فلا يترك في يده بلا خلاف، لأنه معترف بأنه ملك للغير ولا حق له فيه وما الذي يعمل به؟ فيه وجهان:

أحدهما: يجبر المشتري على تسليمه؛ لأن البينة قد قامت بأنه ملكه وسقط ضمانه عن بائعه.

والثاني: لا يجبر على تسليمه وهو منكر له، كما لو أقر لرجل بمال فأنكره لا يجبره الحاكم على أخذه، ثم إذا أخذه الحاكم نظر فيه، فإن كان الأحظ له بيعه، وحفظ ثمنه فعله، ومتى طلب دفعه إليه لأن ملكه لا يبطل بجحوده وله أن يتصرف بما شاء من البيع وغيره إلا الوطئ، فإنه لو كان المبيع جارية لا يحل له وطئها لإقراره أنها محرمة وعليه نفقتها ذكره في "الحاوي" [ق ١٦ أ] وإن كان الأحظ منه أن يؤاجره أو يأذن له في الكسب وينفق عليه من أجرته أو كسبه فعل، ثم يكون فاضل أجرته وكسبه في بيت المال حتى يعترف المشتري به ويأخذه مع الفاضل من كسبه وأجرته، ولو مات وخلف ورثته ذلك دفعه إليهم.

وقال القاضي الطبري: يتحالفان في هذه المسألة أيضًا؛ لأن ابن الحداد ذكر أنهما

<<  <  ج: ص:  >  >>