للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطئها ثيبًا فلا يلزمه كمال المهر، وههنا نال كمال اللذة لأنه وطئها بكرًا فيلزمه كمال المهر.

فإن قيل: إذا أوجبتم مهر مثلها بكرًا فالزيادة على مهر الثيب بإزاء ذهاب البكارة فلا توجبوا أرشًا آخر لأنه يؤدي إلى تضمينه مرتين، قلنا: مهر البكر يجب لحصول كمال اللذة، فإن اللذة في وطء البكر أكثر منه في وطء الثيب، والأرش في مقابلة الجزء التالف فيضمن ضمانين لشيئين مختلفين فسقط السؤال.

فإن قيل: هلا قلتم لا يلزم المهر [ق ٢٧ أ] لأن البائع أذن له في وطئها بغير مهر كما لو أباح وطء لإنسان فوطئها لا يلزمه المهر؟ قلنا: لا نقول ذلك لأن البائع يسلم إليه الجارية ليملكها ويطأها في ملكه، فإذا لم يصح الملك فوطئه صادف ملك الغير فيلزمه المهر، وههنا أذن له بالوطء في ملكه. قلت: هذا السؤال مع الجواب في تعليق أبي حامد ولا ينبغي أن يسلم هذه المسألة؛ لأن الوطء لا يستباح بالإباحة فعوضه لا يسقط بالإباحة، ويحتمل قولين لأن الشافعي -رحمة الله عليه -ذكر في الراهن إذا أذن للمرتهن بوطء المرهونة فوطئ هل يلزمه المهر؟ قولان، وهذا إذا كان جاهلًا بالتحريم، فإن كان عالمًا به، فهو زنا، والزنا لا يوجب المهر إلا عند الإكراه في الأمة أيضًا على الصحيح من المذهب.

والثالث: أن يكون الرد بعد الوطء والإجبار والكلام في الأجرة وأرش النقض والمهر على ما ذكرنا، وأما الكلام في الولد فإنه ينعقد حرًا لأنه اعتقد حريته عند الوطء ولا عليه لأحد لأنه لم يمسه رق ولا ناله عتق ونسبة ثابتة منه، لأن الوطء كان بالشبهة فإنه خرج حيًا فعلى المشتري قيمة للبائع لأنه أتلف [ق ٢٧ ب] عليه رقه باعتقاده وكان من سبيله أن يكون مملوكًا لسيد الأمة وتعتبر قيمته حالة الوضع؛ لأنها حالة الحيلولة ولا يمكن معرفة القيمة قبلها ولا الحيلولة بينه وبينه قبلها، وسواء عاش الولد الخروج أو مات، فالقيمة واجبة لأنها التزام بالقضاء له حيًا، وقال أبو حنيفة ومالك -رحمهما الله - تسقط القيمة بموته قبل حكم الحاكم وتعتبر قيمة الولد يوم الحكم لا يوم الولادة، وقصد الشافعي -رحمه الله - بقوله ههنا: مات الولد قبل الحكم وبعده الرد عليها، وإن خرج الولد ميتًا فلا تلزم القيمة لأنه غير متقوّم لأجل أنه من حين الولادة وثبت له أحكام الدنيا ويمكن تقويمه، وقبل ذلك لا يمكن تقويمه ولا يتحقق إن كان حيًا أو لا، ولأن الحيلولة تحصل عند الانفصال، فإذا انفصل منها ميتًا تحصل الحيلولة وهو مال فلا يلزمه الضمان.

فإن قيل: أليس لو ضرب بطن امرأة فألقت جنينًا ميتًا يلزمه ضمان الولد؛ لأن السبب كان منه فينبغي أن يوجبوا ههنا قيمة الولد، وإن كان ميتًا؟ قلنا: الفرق هناك الظاهر أنه أتلفه بالجناية وبسبب منه وليس ههنا ظاهر يدل على أن إتلافه بسبب منه فافترقا [ق ٢٨ أ] وأيضًا ضمانه مقدر بالبيع إما بعشر قيمة الأم، إن كانت أمة، أو بعشر دينها إن كانت حرة فيمكننا تضمينه مقدر الشرع، وإن خرج ميتًا، وههنا ضمانه بتقويم السوق، وإذا سقط ميتًا لا قيمة له فلا يلزمه شيء وما دام حملًا لا يمكن تقويمه وهذا كما نقول: لو غصب جارية مفرطة السمن فنقص من سمنها في يد هذا المشتري ولم ينقص قيمتها به لا

<<  <  ج: ص:  >  >>