من يده بغير إذن صاحبه، فعلى هذا يكون الجواب فيه مثل ما ذكرناه في القسم الذي قبله، وإن كانت قيمتها عند الأول ألفين وعند الثاني ألفًا فإن النقصان الذي [ق ٣٠ ب] حدث في يد الأول مضمون عليه دون الثاني، لأنه ليس من الثاني سبب في حصول الزيادة في يد الأول، فإن رجع غرمه ألفين، ورجع الأول على الثاني بألفٍ، وهو قيمتها في يد الثاني. وإن رجع على الثاني غرمه ألفًا ورجع بالألف الآخر على الأول، وهذا على المذهب الصحيح المنصوص، وقد ذكرنا وجهًا عن بعض أصحابنا أنه يجب قيمتها وقت التلف.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه قولان كما في العارية، والمأخوذ سومًا وفيه نظر.
وقال أبو حنيفة -رحمه الله -: يلزمه أقل الأمرين من القيمة أو الثمن لأنه رضي.
فرع
لو اشترى عبدًا بشرط أن يعتقه فالمشهور من مذهب الشافعي -رحمه الله -: أن البيع والشرط صحيحان نص عليه في "الأم" وغيره، وبه قال مالك -رحمه الله -.
وروى أبو ثور عن الشافعي أنه قال: يصح البيع ويبطل الشرط حكاه القاضي أبو حامد في الجامع، ومن أصحابنا من قال: يجب على هذين القولين: أن البيع يبطل أيضًا؛ لأن الشرط إذا بطل وجب أن يبطل البيع فحصل فيه ثلاثة أقوال:
ومن أصحابنا من قال: المسألة على قول واحد، وما حكاه أبو ثور لا يصح عنه [ق ٣١ أ].
وقال القفال: فيه قولان: المنصوص أنه يصح البيع والشرط، والثاني: أنه مخرج أنهما باطلان، وبه قال أبوجنيفة إلا أنه يناقض فقال: إذا قبضه ملكه وينفذ تصرفه، ولو تلف في يده ضمنه بالثمن لا بالقيمة بخلاف سائر البيوع الفاسدة فإنه يضمن المبيع فيها بالقيمة.
وقال أبو يوسف، ومحمد -رحمهما الله -يضمنه بالقيمة أيضًا، وروي هذا عن أبي حنيفة رواية شاذة، وروى الحسن عن أبي حنيفة: أن البيع جائز واحتجوا بأنه شرط على المشتري إزالة ملكه عن المبيع فكان فاسدًا، كما لو شرط عليه أن يبيعه، وهذا غلط لما روي أن عائشة -رضي الله عنها -اشترت بريرة بشرط أن تعتقها ويكون ولاؤها لمواليها فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم شرط الولاء دون العتق، وقال:"شرط الله أوثق وقضاء الله أحق والولاء لمن أعتق" ولأن هذا البيع مضمون بالثمن فكان العقد عليه صحيحًا كسائر البياعات. وأما ما ذكروا لا يصح؛ لأن شرط العتق يفارق غيره لأنه قربة يصح أخذ العوض عنها، وبنى على التغليب والسراية بخلاف البيع فجوزنا البيع بهذا الشرط خاصة.
فرع
إذا جوزنا البيع والشرط يلزم على المشتري [ق ٣١ ب] فإن امتنع هل يجبر عليه أم لا؟ فيه وجهان: