بمنزلة أن يقول في الصبرة: على أن أزيدك قفيزًا وأحسب ثمنه عليك، لأنهما إذا علما ذلك فقد علما قدر الزيادة على ثمن الرطل، ولو قال: على أن أزنه بظرفه ثم أحط وزن الظرف جاز، وهكذا يباع، ولو قال: بعتك هذا السمن والظرف جزافًا بكذا أجاز البيع، لأنه باعهما جميعًا بثمن معلوم. فإن قيل: أليس لو باع اللبن مشوبًا بالماء لا يجوز، فما الفرق؟ قيل: الفرق هناك المتصور غير متميز عما ليس بمقصود؛ لأن اللبن غير متميز عن الماء، وههنا المقصود متميز عن غير المقصود فجاز إذا جمع بينهما، ولو قال: بعتك هذا السمن مع الظرف كل رطل بدرهم، فإن كانا عالمين بمقدار الظرف والسمن، مثل أن يعلما أن الظرف خمسة أرطال والسمن عشرة أرطال جاز، وكأنه باعه ثلثاه سمن وثلثه ظرفه بدرهم، وإن كان لا يعلمان أو أحدهما مقدارهما لا يجوز؛ لأن المقصود السمن ولا يدريان كم من السمن يبيع بدرهم فالثمن مجهول في الجملة والتفصيل.
وحكي عن الداركي أنه يجوز؛ لأنه في النقصان معلوم كما لو باع جنسًا واحدًا، لأنه رضي بأن يشتري الظرف كل رطل بدرهم كما يشتري السمن ولو اشترى كل واحد منهما [ق ٤٣ ب] على الانفراد ولا نظر ضمنهما كما لو اشترى ثوبًا مختلف الغزال أو ... كل صاع بدرهم وقيمة ذرعانهما مختلفة، وإذا جوزنا إذا كان وزنهما معلومًا لا يشترط أن يكون الظرف بانفراده ما يساوي السمن، كما يجوز شراء الفواكه المختلطة بثمن واحد، وإن كان بعض أنواعه أغلى سعرًأ من بعض، وهذا إذا كان الظرف مقصودًا، فإن كان لا ينتفع بالظرف أصلًا وإنما يشتري مع السمن لا يجوز البيع؛ لأنه لم يبع منه المقصود إلا بأن يشتري معه ما ليس بمقصود، فهو كما لو قال: تزنه بظرفه لا يكون الظرف مقابل برده ويؤدي ثمنه. ولو قال: بعتك هذا الثمن بعشرة على أن أزنه بظرفه، ثم أحط ثمن الظرف بالقسط، فإن كان عند العقد عالمين بقدر وزن الظرف وقدر ثمنه جاز، وإن كانا جاهلين أو أحدهما لا يجوز البيع لأنهما لا يعلمان أن المحطوط درهمان أو درهم فالثمن مجهول، ولا يشبه هذا إذا قال: كل رطل بكذا ثم أطرح وزن الظرف، لأنه يصير بيع مراطلة ومكايلة فلا يقدح الظرف وجهالته في العقد.
فرع
لو اشترى جامدًا في ظرف موازنة يشترط إنزال الظرف كالدقيق والحنطة؟ فيه وجهان:[ق ٤٤ أ].
أحدهما: لا يجوز الاستغناء الجامد عن ظرف يوزن معه، وإليه ميل أبي إسحاق.
والثاني: يجوز لأنه يصير بعد إنزال ظرفه معلوم القدر كالسمن وهو قياس قول ابن أبي هريرة. ذكره في الحاوي.