والثاني: وهو الأصح أنه نهى تحريم، لأن ذلك الماء مما يحرم عليه المعاوضة ولا يجوز أخذ البدل عنه. والمنصوص ما ذكرت ولأنه استئجار على ما لا يقدر تسليمه؛ لأن المقصود الإنزال وهو يحصل باختيار العمل وليس في قدرته ذلك. وأما الاستعارة للأطراف يجوز لما روى أنس -رضي الله عنه -أن قومًا من بني كلاب سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كراء الفحل فنهاهم فقالوا: إنا نطرقها لهم إكرامًا، فقال:"إذا كان ذلك إكرامًا -يعني هدية - فلا بأس"، ولو أعطى صاحب الفحل هدية أو كرامة جاز قبولها [ق ٤٥ أ].
وقال أبو حنيفة: لا يجوز كما في حلوان الكاهن ومهر البغي، وهذا غلط؛ لأن هذه هدية لأجل بسبب مباح بخلاف ما قاسوا عليه. واعلم أن هذه المسألة ليست من مسائل البيع في الحقيقة، بل هي من الإجارات ولكن ذكرها الشافعي ههنا لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكره باسم الثمن.
فرع
لو استأجر فحلًا للركوب فأنزاه على أنثى، فإن دخل فيه نقص يغرم النقصان، وإن لم يدخل نقص لم يغرم شيئًا.
وهذا كما قال، الغرر ما تردد بين جائزين لا يترجح أحدهما على صاحبه، كبيع الطير في الهواء، والسمك في الماء، فإنه قد يمكنه تسليمه، وقد لا يمكنه، وليس أحدهما أولى من صاحبه، فأما إذا رجحت السلامة فلا يكون غررًا مثل أن يقول: بعتك العبد الذي شاهدناه في البيت؛ لأن الأصل بقاؤه وسلامته ويصح بيعه، وأما في بيع ما ليس عنده ثلاث مسائل:
إحداها: أن يبيع ملك غيره بغير إذنه فالبيع باطل لا يقف على إجازته لأنه غرر لا يدري هل يجيز صاحبه أو لا يجيز، وقال أبو حنيفة: ينعقد البيع موقوفًا على إجازة المالك [ق ٤٥ ب] فإن أجاز جاز.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: هذا قول آخر للشافعي -رحمه الله -في القديم وهكذا إذا اشترى للغير بغير إذنه هل يقف على إجازته؟ قولان وعند أبي حنيفة الشراء يلزم العاقد ولا يقف.
وقال مالك: يقف البيع والشراء على الإجازة، وبه قال أحمد في رواية وقيل: قال