لما ذكرنا أنه يمكنه ردها على المقترض، ولا يمنع القرض من أخذها منه، فصار كوطء الجارية في مدة خيار البائع لا يحل.
فإن قيل: هلا قلتم يصح القرض ولا [ق ٦٦ أ] يحل له وطئها؟ قلنا: التمليك إذا لم يستبح به الوطء مع كونها ممن تحل له لا يصح؛ لأن الوطء من المنافع المقصودة، فصار العقد فاسدًا إذا لم يبح الوطء لم يفد الملك، وإذا اشترى من لا يحل له وطئها فوطئها محرم شرعًا، فلا يمنع صحة التمليك هناك.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه قولان بناء على أنه يملك بالقبض أو بالتصرف فإذا قلنا: يملك بالتصرف لا يجوز، لأنه لا يجوز الوطء في غير ملك، ولو منعنا الوطء لم نوفر صحة القرض. وإن قلنا: يملك بالقبض يجوز وطئها.
وقال في "الحاوي": لو كانت محرمة الوطء هل يجوز قرضها؟ وجهان. واختيار البصريين أنه لا يجوز؛ لأن ما لا يجوز قرضه من شخص لا يجوز قرضه من غيره كالمباحة. وهذا غريب ضعيف.
فرع
لا يجوز شرط الأجل في القرض. وقال مالك رحمه الله: يجوز أن يطالبه به قبل الأجل. وبه قال علي، وابن عباس رضي الله عنهم، وغلط بعض أصحابنا فقال: يجوز، لأن الشافعي رحمه الله قال في المفلس: وإن وجد الحاكم من يسلفه المال حالًا لم يجعله أمانة. فدل هذا الكلام على جوازه مؤجلًا، وهذا لا يصح؛ لأن الشافعي اختار ذلك للحاكم إن كان يرى تأجيل القرض على مذهب من يجيزه؛ لأن أموال الغير لا تجزئ نظر الحاكم [ق ٦٦ ب] وإن كان تجزئ نظر المالكين، وخلافًا على مذهب الشافعي رحمه الله أنه لا يجوز ذلك.
فرع
إذا أسلم جارية في جارية فيه وجهان:
قال أبو إسحاق: لا يجوز، لأنَّا لا نأمن أن يطأها ثم يردها عن ما يستحق عليه فيصير كمن أقرض جارية ووطئها ثم ردها.
والثاني: يجوز وهو المذهب؛ لأن كل عقد صح في العبد بالعبد صح في الجارية بالجارية كالبيع.
ولو شرط ضمان الوجه في القرض يجوز إن كان المستحق المثل، وإن كان المستحق فيه القيمة هل يجوز؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز، وهذا إذا قلنا قيمة القرض تعتبر بأكثر أحواله من حين القرض