مسألة
قَالَ: "وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ مَنْفِعَةُ فِي حَيَاتِهِ بَيُعٌ وَحَلَّ ثَمَنُهُ أَوْ قِيمَتُهُ وَإنْ لَمْ يَكُنْ يُؤكل".
وهذا كما قال: جملة هذا أن جميع الأعيان على ضربين؛ حيوان, وغير حيوان. فأما الحيوان فضربان: أدمي وغير أدمي والآدمي ضربان مملوك وحر فالحر لا يجوز بيعه وكذلك ما في معناه وهو العبد الوقوف, وأما المملوك فضربان من ثبت له سبب الحرية, ومن لم يثبت له ذلك وهو العبد يجوز بيعه. ومن ثبت له سبب الحرية على ثلاثة أضرب: سبب مستقر, وثابت غير مستقر, وغير ثابت ولا مستقر.
فالمستقر الاستيلاد فلا يجوز بيع أم الولد ولا ولدها من زوج أو زنا كالحرة, وأما غير الثابت والمستقر مثل المدبر والمعلق عنقه بصفة فلا يمنعان البيع بحال.
وأما الثابت غير المستقر كالكتابة قال في "جديد": لا يجوز بيع المكائب, وقال في "القديم" يجوز بيعه.
وأما غير الآدميين فضربان: ما يؤكل لحمه, وما لا يؤكل لأق ٨٤ أ].
فما يؤكل يجوز بيعه كالإبل والبقر ونحوه, وما لا يأكل ضربان: طاهر ونجس, فالنجس مثل الكلب والخنزير, وقد ذكرنا حكمهما, وقد قال بعض أصحابنا: لم يكن يعرف خلاف قبل عطاء في أن لا قيمة على متلف الكلب حتى ذهب إليه عطاء- رحمه الله- وتابعه مالك, ولا يعرف خلاف قبل أبي حنيفة في أن بيعه يجوز حتى قاله أبي حنيفة, وأما الطاهر فضربان: ما ينتفع به وما لا ينتفع بظهره فقط, والفهد ينتفع بصيده, والسنور ينتفع بصيد الهوام ويجوز بيعها, وكذلك جوارح الطير كالبازي والشاهين والعقاب يجوز بيعها.
وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم: "نهى عن ثمن السنور" وأراد السنور البري الذي لا ينتفع به بل يكون مضرة, وما لا ينتفع به كالأسد والذئب والطيور التي لا يصاد بها فلا يجوز بيعها.
فرع آخر
لا يجوز بيع الحمار المكسور والبغل المزمن. وقال بعض أصحاب أبي حنيفة: يجوز لأن جلده يطهر بالدباغ, وهذا غلط؛ لأن الخمر لا يجوز بيعها وتصير خلا. وقيل: هو ما لا يجوز كل عين طاهرة يجوز الانتفاع بها بحق حرية ولا قربة, وفيه احتراز عن الوقف والمندور عتقه [ق ٨٤ ب]