لا يجوز بيعها ولا أكل ثمنها, وروى الحسن بن زيادة عن أبي حنيفة مثل قولنا, وعن أحمد روايتان وهذا الخلاف في العرصة, وأما البناء فهو مملوك بلا خلاف واحتجوا بما روي عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"مكة حرام وحرام بيع رباعها وحرام أجرة بيوتها". وهذا غلط لما روي عن عمر- رضي الله عنه- اشترى دارًا من صفوان بن أمية بأربعة آلاف درهم للسجن [ق ٨٥ ب] واشترى معاوية بن حكيم بن حزام دارين أحدهما بستين ألف درهم والأخرى بأربعين ألف درهم.
وأما خبرهم فرواه عبد الله بن زياد, وابن أبي نجيح وهما ضعيفان أو نحمله على ما كان فيها وقعًا وهو كثير فيها. ويجوز بيع المصحف ولا يكره وقد سئل ابن عباس- رضي الله عنه- فقال: لا بأس يأخذون أجور أيديهم. وأما النجس فضربان نجس العين, ونجس المجاورة فما كان نجس العين كالعذرة والسرجين والميتة وعظامها لا يجوز بيع شيء منها كذلك الزبل لأنه نجس العين.
وقال أبو حنيفة: يجوز بيع السرقين والزبل ووافقنا على العذرة أنه لا يجوز بيعها وهذا غلط؛ لأنه نجس العين كالميتة. وأما ما نجس بالمجاورة كالتراب والثوب ونحو ذلك يجوز بيعه. وأما المائع فضربان: طاهر, ونجس , فإن كان مما لا ينتفع به كالدمع والعرق والريق نحو ذلك لا يجوز, وإن كان ينتفع به كاللبن والعسل والخل يجوز. وأما النجس فضربان؛ ما نجس بالمجاورة, وما نجس بالاستحالة, فما نجس بالاستحالة, فهو الخمر وكل شراب مسكر, والبول والدم لا يجوز بيعه, وقال أبو حنيفة: يجوز شراء الخمر بالتوكيل للذمي وهذا غلط لما روت عائشة- رضي الله عنها-[ق ٨٦ أ] أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "حرمت التجارة في الخمر" وروى ابن عباس- رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أتاني جبريل- عليه السلام- وقال: يا محمد إن الله لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وشاربها وبايعها ومبتاعها وساقيها".
وروي أنس- رضي الله عنه- قال: لعن رسول صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة وذكر هؤلاء وزادوا كل ثمنها والمشتري له.
وقال جابر- رضي الله عنه- سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح بمكة يقول:"إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام" فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلي بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها فقال: "لا هو حرام" ثم قال عند ذلك: "قاتل الله اليهود إن الله لما حرم عليهم الشحوم حملها ثم باعوها وأكلوا ثمنها" أي