السم الذي يقتل قليله لا يجوز بيعه لعدم المنفعة، وإن كان يقتل كثيره دون قليله أو يتقل مع غيره ولا يقتل بانفراده، وهو من شيء طاهر علق الشافعي القول فيه، وخرَّجه أصحابنا على قولين:
أحدهما: يجوز لقصوره على حال الأول.
والثاني: لا يجوز كالأول.
ومن أصحابنا من قال: يجوز بيعه قولًا واحدًا، وكذلك إن كان يصلح للدواء في ظاهر [ق ٩٢ ب] البدن إذا لم يصل إلى الجوف أو إذا خلط بغيره من الأدوية لا يقبل ويجوز السلم فيه. ومن أصحابنا من قال: يجوز بيع قليله الذي لا يقتل دون كثيره، وهذا لا وجه له؛ لأن كل جنس جاز بيع قليله جاز بيع كثيره.
فرع آخر
لو اتفقنا على أنهما يظهران العقد خوفًا وتلجئة ولا يجوز بيعًا، ثم تبايعا بعد ذلك يصح البيع والاتفاق السابق على العقد لا يتبع صحة العقد. وكذلك إن اتفقا أن يتبايعا بألفٍ ويظره ألفين فتبايعا بألفين يلزم البيع ولا يؤثر فيه الاتفاق السابق. وهكذا روي عن أبي يوسف وأبي حنيفة أنه لا يصح البيع إلا أن يتفقا على أن الثمن ألف درهم فتبايعاه بمائة دينار فيكون الثمن مائة دينار استحسانًا. وبه قال أبو يوسف ومحمد؛ لأنه إذا تقدم الاتفاق صار كالهازلين بالعقد فلا يصح العقد، وهذا غلط؛ لأن الشرط السابق للعقد لا يؤثر فيه كما لو اتفقا على شرط فاسد ثم عقدا العقد لا يثبت فيه.
فرع آخر
لو باع عبدًا بثمن مؤجل فما سلم العبد حتى حل الأجل له الامتناع من تسليم العبد قبل قبض ثمنه، وإن لم يكن له ذلك قبل حلوله؛ لأن هذا وقت المطالبة بالثمن بحكم العقد، فصار كما لو كان حالًا [ق ٩٣ أ] في الابتداء. وفيه وجه آخر لا سبيل له إلى الامتناع اعتبارًا بالرهن المبذول بعد البيع بلا شرط ولا امتنع الراهن من إقباضه لم يكن للمرتهن فسخ البيع. هكذا ذكره والدي رحمه الله، والثاني: وهو ظاهر مذهب الشافعي عندي.
فرع آخر
لو باع لحمًا على أنه لحم الميتة فإذا هو لجم المذكى، قال والدي رحمه الله: يحتمل أن يقال: لا يصح البيع لاشتراط ما لو تحقق منع البيع، ويحتمل أن يقال: يصح البيع؛ لأن الجنس واحد والعين قابلة للبيع.