للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البائع غير معلوم [ق ١٠٤ ب] وبه قال مالك وأحمد، وهو اختيار أبي إسحاق.

والثاني: لا يجب ذلك وهو الأصح، وبه قال أبو يوسف ومحمد، وهو اختيرا المزني؛ لأنه عين تناولها عقد المعاوضة بالإشارة إليها فأشبه إذا باعها. فإذا قلنا بالأول فلم يذكر ذلك لم يصح السلم، وللمسلم الرجوع في الثمن إن كان باقيًا أخذه، وإن كان تالفًا أخذ مثله أو قيمته، فإن اختلفا فالقول قول المسلم إليه لأنه غارم. وإن قلنا بالثاني فإن تم العقد فلا كلام، وإن فسخا رجع إلى الثمن، فإن كان تالفًا واختلفا فالقول قول المسلم إليه لأنه غارم. ويتفرع على هذا مما لا يجوز السلم فيه من الجواهر والجلود، هل يجوز أن يكون رأس المال على هذين القولين وقال القفال: القولين ههنا يشبهان القولين فيمن جمع بين سلم وبيع؛ لأن العلة هناك أنه ربما يفسخ أحدهما فلا يدري حكم حصته وحصة الآخر، كذلك ههنا ربما يفسخ السلم فيحتاج إلى معرفة رأس المال.

وقال أبو حنيفة: إن كان رأس المال مكيلًا أو موزونًا لابد منذ كر القدر وضبط الوصف، وإن كان ثوبًا ونحوه يجوز أن يكون جزافًا.

فإن قيل: قول المزني: "ولو كان درهمًا حتى يصفه بوزنه وسكته، [ق ١٠٥ أ] يوهم أن صورة مسألة القولين في دراهم يسميها المشتري ولا يعينها، وليست صورتها كذلك، لأن المشتري إذا قال: اشتريت منك قفيز حنطة بالدراهم التي في كمي كان ذلك بيع الغائب وفيه قولان. ثم إذا جوزناه والدراهم غير معلومة القدر كان سلم جزاف في موصوف، فهل يصح ذلك السلم أم لا؟ على قولين. ولا يظن الشافعي أنه زاحم مسألة السلم بمسألة بيع الغائب حتى يدخل القولان على القولين. قيل: يحتمل أن يكون معنى قوله حتى يصفه بوزنه حتى يزنه فيصير وزنه معلومًا وكان معينًا، فإذا اجتمع التعيين والوزن صح السلم وخرج عن أن يكون جزافًا في موصوف، وإذا اقتصر على مجرد التعيين من غير وزنٍ ولا إحاطة بالجودة والسكة كان سلم جزاف في موصوف، وفيه حينئذٍ قولان، ولا يجوز إطلاق لفظ الوصف والمراد به الإعلام لا الاقتصار على الوصف.

فرع

رأس المال في القراض لا يجوز أن يكون جزافًا؛ لأن العقد يقتضي رد مثله فيجب أن يكون المال فيه معلوم المقدار والوصف. وفي السلم يجب رد رأس المال، بل يجب تسليم المسلم فيه بمقتضى العقد فجاز جزافًا في أحد القولين.

فرع آخر

لو كان السلم حالًا هل يجوز أن يكون [ق ١٠٥ ب] رأس المال جزافًا فيه طريقان؛

أحدهما: قولان.

والثانية: يجوز قولًا واحدًا؛ لأنه لا يتأخر التسليم ولا يخشى انفساخ العقد والتنازع في قدره بخلاف المؤجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>