مسألة:
قَالَ: ((وَإِن كَانَ حِنطَةً قَالَ شَامِيةٌ أَو (ق ١١٥ ب) مَيسَانِيةٌ)).
الفصل:
وهذا كما قال: إذا سلم في الحنطة يحتاج أن يصفها بستة أوصاف أيضًا النوع والبلد فيقول: شامية أو بغدادية, فأرداها البغدادي, وبعدها الشامي, والواسطي أجودها, فإذا ذكر الشامية فلابد أن يقول: مجهولة أو مولدة. وقيل: مجلوب أو مولد, فالمجلوب: الذي زرع بالشام وحمل منه أو جلب منه. والمولد: الذي حمل بذره من الشام وزرع في غيره. وقيل: لا يحتاج فيها إلى ذكر النوع, فإن ذكر البلد يغني عنه, فيكفي خمسة أوصاف بخلاف التمر, وهذا غير صحيح عندي؛ لأن الشامية أنواع وكذلك البغدادية. ويذكر اللون: سمراء أو حمراء أو بيضاء, ويذكر الجدارة والدقة.
قال الأزهري رحمه الله: جدارها امتلاء حبها وسمنها, يقال: غلام جداري إذا سمن وامتلأ, وهذا لأن الرقيق يختلف بذلك, ورقيق الحادي: أكثر. والرقة: أن تكون هزيلة ضامرة الجنس, وفي بعض النسخ: الرقة وهما في المعنى سواء, ويذكر عتيقًا أو حديثًا, والاستحباب أن يذكر عتيق عام كذا, أو حصاد عام كذا, وربما يمتاز حصاد عام بالاكتناز وإن لم يذكر هذا جاز. وإذا شرط هذا يشترط أن يكون أهل البصر يميزون بين حصاد ذلك العام وعام آخر. فإن لم يوجد في كل وقتٍ من تميز ذلك [ق ١١٦ أ] لم يجز, ويذكر جيدًا أو رديًا هذه الوصاف المذكورة توجد في الحنطة ولا تكون جيدة. ومن أصحابنا من حمله على التأكيد؛ لأنه لا يلزمه قبول الردي, وهذا غريب ولا يصح؛ لأن الجودة من أظهر الأوصاف, ولو لم يذكر الجودة, ولكن ذكر أوصاف الجيد استغنى بها عن لفظ الجودة.
قال: ((وَيَذكُرُ أَجَلاً مَعلُومًا أَو قَالَ حَالاً)).
وقد ذكرنا ما قيل فيه. وقيل: مراد الشافعي رحمه الله تعالى: بهذا أن العقد إن كان مؤجلاً فلابد من تعميمه الأجل المعلوم, وإن كان حالاً فالمستحب لهما يفسده بذكر الحلول ليخرج عن العادات الغالبة فيما بين الناس, وهو أن السلم يعقد مؤجلاً في أغلب عاداتهم؛ لأنه جعل ذلك شرطًا. قال: ((ويكون الموضع معروفًا)) , وأراد موضع التسليم, وقد ذكرنا ما قيل فيه. وقيل: أراد به ههنا موضع الحنطة وبلدتها التي تنبت فيها, فإن البلد تختلف في ذلك وتختلف باختلافات المنابت, فلابد من ذكر منبته إذا سمى موضعًا كبيرًا يختلف ريعه غالبًا. والمعنى الأول أولى؛ لأن الشافعي ذكر قبل هذا الشامية والميسانية. وهو ذكر المكان, ويحتمل أن يقول: قوله: فإنه ذكر النسبة لا ذكر المنبت فيقوى المعنيان جميعًا بهذه اللفظة.