ابن عباس رضي الله عنهما قال فيمن أقال بعض السلم وقبض بعضًا: ذلك المعروف. قال: وأجازه عطاء بن أبي رباح المكي، وهذا استئناس بقوله.
وحكي عن ابن أبي ليلى أنه قال: إذا أقاله في البعض انفسخ في الكل. وهذا غلط ظاهر، لأن البيع لا يسري فكيف تسري الإقالة.
مسألة:
قال:"وإذا أقاله فبطل عنه الطعام وصار عليه ذهباً تبايعا بعد بالذهب ما شاءا وتقابضا قبل أن [ق ١٤٢ ب] يتفرقا من عرض وغيره".
وهذا كما قال: إذا تقايلا في بعض المسلم فيه أو كله ورأس المال ذهب قد تلف عنده يسترد مثله على ما ذكرناه. فإن أراد أن يأخذ جنساً آخر وإن قال: أسلمت إليك مالي في ذمتك في كذا وكذا ولم يجز، لأنه بيع دين بدين. وإن أخذ ديناً فإن أخذ دراهم عن كذا لم يجز أن يتفرقا قبل التقابض لأنه صرف. وأن أخذ عرضاً نص الشافعي رحمه الله ههنا أنه لا يجوز أن يفارقه قبل القبض، لأنه قال:"من عرض أو غيره". وقد ذكرنا فيه وجهاً آخر أنه يجوز من غير قبض، لأنه بيع عين بدين لا يحرم فيهما النساء، كما لو باع عيناً بثمن في ذمة المشتري، ولا فرق بين أن يكون الثمن في ذمة المشتري أو في ذمة البائع، ومن قال بهذا تأول قول الشافعي ههنا فقال: أراد به إذا كان العرض موصوفاً غير معين، ولو استبدل منه عرضاً موصوفاً وعيناه في المجلس وتقابضا ثم تفرقا فيه وجهان، لأن ابتدأه دين أخذ عرضاً عن دين. هكذا ذكره بعض أصحابنا بخراسان. والمذهب أنه يجوز ذلك.
قال أبو حنيفة رحمه الله: لا يجوز الاستبدال عن رأس مال السلم بعد التقايل استحساناً، كما لا يجوز عن المسلم فيه عند بقاء العقد. واحتج بقوله صلى الله عليه وسلم:"من أسل في شيء فلا يصرفه إلى غيره". وهذا غلط، لأن الذهب بعد الإقالة دين مستقر في الذمة [ق ١٤٣ أ] وعلامة استقرار الحق في الذمة تقويمه عند عدمه والذهب بعد الإقالة بهذه الصفة، وعلامة عدم الاستقرار في الذمة أن يترك تقويمه عند العدم والانقطاع والمسلم فيه بهذه الصفة، لأنا إذا فقدناه يقومه بل يفسخ عقد المسلم فعلم أنه غير مستقر فلا تجوز المعارضة عنه بخلاف رأس المال ههنا. وأما الخبر أراد به المسلم فيه.
فرع
لو تبايعا عبداً وقبضه المشتري ثم تقايلا ثم اشتراه ثانياً من بايعه ثم تلف العبد يد المشتري يضمن بالقيمة دون الثمن الأول والثاني، لأن الإقالة رفعت المشتري الأول وتلفه قبل إحداث قبض ثاني بطل الشراء الثاني فبطل الثمنان، ثم هو مقبوض على وجه