للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان الاختلاف بالضد فقال المسلم إليه: تفرقنا قبل القبض، وقال المسلم: ما تفرقنا إلا بعد القبض والثمن في يد المسلم وأقام كل واحد بينة بما يدعيه فالبينة بينة المسلم لأنها تثبت قضاء تنفيه الأخرى فيكون عقد السلم بحالة وقد عاد ثمن السلم فيه إلى يد المسلم بعد أن قبضه منه. فيكون القول قول المسلم إليه في حقه إلى المسلم وإن لم يكن مع واحد بينة فأقول قول من معه سلامة العقد.

فرع آخر

ضمان المسلم فيه جائز وقد ذكرنا، فلو ضمن فصالح الكفيل عماله بشيء يأخذ منه لا يصح الصلح، لأن الصلح بيع. ولا يجوز بيع المسلم فيه من الكفيل لأنه بيع ما لم يقبضه. ولو كان في لفظ الصلح صالحني مالك في ذمة المسلم إليه بمثل الثمن الذي أسلمته إليه لم يصح أيضاً، لأنه إقالة والإقالة من غير العاقد لا تصح. ولو قال المسلم إليه: صالحني مما في ذمتي بمثل ذلك الثمن فصالحه يجوز لأنها إقالة بلفظ الصلح [ق ١٤٩ أ] وإن لم يذكر ذلك المسلم فإنه بيع ولا يجوز بيع المسلم فيه قبل القبض.

فرع آخر

لو أسلم إلى رجل وشرط موضع التسليم ثم صالحه على أن يسلمه إليه في غير ذلك الموضع ويأخذ منه كرى الحمل إلى الموضع المشروط لا يجوز، ذكره ابن سريج.

فرع آخر

لو قبض المسلم المسلم فيه ووجده معيباً رده، فإن حدث عنده عيب آخر قال القاضي الطبري - رحمه الله: كان له الرجوع بأرشه عندي على مذهب الشافعي - رحمة الله عليه. وقال أبو حنيفة - رحمه الله: لا يرجع بالأرش لأن الرجوع بالأرش أخذ عوض الجزء الغائب. ومع المسلم فيه قبل القبض لا يجوز، وهذا غلط، لأنه عوض يجوز رده بالعيب، فإذا سقط الرد بحدوث عيب آخر ثبت الرجوع بالأرش كالمبيع في بيع العين، وأما ما ذكره فلا يصح، لأن بيع المبيع قبل القبض لا يجوز، ويجوز أخذ أرش العيب.

وقال ابن سريج - رحمه الله: هذا باعتياض على الجزء الفائت ولكنه فسخ في الجزء الفائت، فإذا كان المسلم فيه عيب ينقص عشر قيمته، وأخذ الأرش فقد أخذ عشر رأس المال فينقص البيع فيه، وفي الباقي البيع صحيح تام. وذكر القفال أن الشافعي - رحمة الله عليه - نص على ما ذكره القاضي الطبري وقال المزني: "لا يجوز ذلك، كما قال أبو حنيفة، وقال ابن سريج: ما قاله الشافعي صحيح على ما ذكرنا عنه، وذكر [ق ١٤٩ ب] والدي - رحمه الله - أنه يرد مع أرش العيب الحادث عنده ويطالبه بالمسلم فيه على الصفات المشروطة، لأنه استحق في ذمته ثوباً سليماً، وهو دفع غير ما استحقه فله الرد وأخذ المستحق كما لو كان عليه درهم جيد فدفع رديئاً يرد. ويطالبه بالجيد. قال: وعلى هذا لو كان عليه لآخر عبد سليم فدفعه معيباً ولم يعلم به القابض حتى اكتسب العبد

<<  <  ج: ص:  >  >>