أحدهما: لا يجوز، لأنه صار محجوراً عليه، ويجوز الحجر على الخصوص.
والثاني: يجوز، لأنه لو باع في بيته يجوز.
فرع آخر
الاحتكار محرم في الجملة لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن احتكار الطعام. وروى ابن عمر - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الجالب مرزوق والمحتكر ملعون" وروى: "المحتكر ممحوق".
وقال مالك رحمه الله: لا يجوز في الطعام وغيره من السلع. وقال: ليست الفواكه من الحكرة. وقال أحمد رحمه الله: لا احتكار إلا في الطعام خاصة لأنه قوت. وقال: في مثل مكة والمدينة والثغور، فأما في بغداد والبصرة فلا، لأن السفن تخترقها.
وروى أن عمر - رضي الله عنه - خرج مع أصحابه فرأى طعاماً كثيراً قد ألقى على باب مكة، فقال: ما هذا الطعام؟ فقالوا: جلب إلينا، فقال: بارك الله فيه [ق ١٥٢ ب] وفيمن جلبه. قيل له: إنه قد حكر، فقال: ومن حكره؟
فقيل: فلان مولى عثمان وفلان مولاك، فأرسل إليهما وقال: ما حملكما على احتكار طعام المسلمين؟ فقالا: نشتري بأموالنا ونبيع. فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من احتكر على المسلمين طعامهم لم يمت حتى يضربه الله بالجذام أو الإفلاس". وقال الراوي: فأما مولى عثمان فباعه، وقال: والله لا احتكر أبداً. وأما مولى عمر فلم يبعه، فرأيته مجذوماً مخدوشاً.
قال صاحب "الإفصاح": معناه إذا احتكر في الأوقات التي يضطر الناس إلى ما احتكره ومس حاجتهم إليه. فأما إذا نقص السعر لكثرة الطعام وسعته فاشتراه طلباً للربح فيه كان جائزاً.
وروى سعيد بن المسيد عن معمر بن أبي معمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يحتكر إلا خاطئ". فقيل لسعيد: إنك تحتكر، قال: ومعمر كان يحتكر. وتأويله أن المحرم نوع على ما ذكرنا. قال أصحابنا: وهكذا لو جلبه من بلد الرخص إلى بلده ليبيعه وقت الغلاء والحاجة بسعر اليوم يجوز؟ وربما يكون هذا حسنه، لأنه ينتفع به الناس. وكذلك إذا ارتفع من طعام فحبسه زماناً ليبيه وقت الحاجة يجوز إن كانت نيته أن لا يبيعه وقت حاجتهم وجوز مغالتهم إياه فهو حرام. وفي هذا روى ابن عمر - رضي الله عنهما - أن