للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشافعي رحمة الله عليه: ويعتبر أقل ما يقع عليه اسم الوصف الذي شرطاه وإن كان هناك أجود منه، وإن أتى به دون صفته لم يلزمه قبوله، لأنه لا يجبر على إسقاط حقه. وإن أتى به فوق حقه لا يخلو إما أن يأتيه فوق صفته أو بنوع آخر أجود من نوعه، أو بجنس آخر خير من جنسه، فإن أعطاه من نوعه أجودهما شرط يلزمه قبوله، لأنه أتاه بما تناوله العقد وزيادة تابعة لما تناوله العقد تنفعه ولا تضره. ويفارق هذا إذا اشترى شيئاً بعينه وأعطاه من نوعه خيراً منه لا يلزمه قبوله، لأن العقد تناول عيناً فلا يصح في عين أخرى إلا بعقد جديد وفسخ الأول، وههنا ما يقبضه يعين فيه العقد الأول، وإن أتى به زائد القدر لا يلزمه قبول الزيادة، لأنه يمكن تمييزها ولا تكون [ق ١٥٤ أ] الزيادة تابعة لما تناوله العقد، بل هذا ابتداء هبة، وإن قبلها كانت هبة تفتقر إلى ما تفتقر فيه الهبة، وإن أتى بجنس آخر من المسلم فيه، مثل أن يسلم في التمر فيأتيه بالزبيب، أو يسلم في الشعير فيأتيه بالحنطة لا يجبر على قبوله، لأن هذا غير المعقود عليه، وإن أراد قبوله لم يجز، لأنه بيع المسلم فيه قبل القبض. ولو أتى بشاة حمراء بدل شاة سوداء يجوز إذا رضي، وإن كان نوعاً غير النوع الذي أسلم، مثل أن يأتي بالضأن بدل المعز، أو أتى بالزبيب الخراساني بدل الزبيب الرازي لم يلزمه قبوله، لأنه يختلف فيه الغرض. وإن كان ما أتى به أكثر قيمة، وهل يجوز أن يتراضيا؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا يجوز، لأن ذلك بيع المسلم فيه كما قلنا في الجنسين. وبه قال أبو إسحاق.

والثاني: وبه قال ابن أبي هريرة: يجوز، لأنهما جنس واحد ويضم أحدهما إلى الآخر كالزكاة. وهذا أصح.

وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه قولان، وهو غريب.

وقال أبو حامد رحمه الله: يجوز قبوله، وهل يلزم قبوله؟ فيه وجهان:

أحدهما: يلزمه قبوله - وهو الصحيح - لأن زيادة النوع كزيادة الصفة، ولأنه لو لم يكن المبيع لم يجز قبوله. ولأن الشافعي رحمة الله عليه قال: "وأصل ما يلزم السلف قبول أن يأتي من جنسه" فاعتبر الجنس فقط ولا يصح هذا، لأن الشافعي قال: وإن كان زائداً يصلح ما يصلح له [ق ١٥٤ ب] ما أسفله فيه أجبر على قبضه، وقد يصلح أخذ النوعين لما لا يصلح الآخر فأخذ الزبيين يصلح للخل ولا يصلح الآخر له، وأخذ اللحمين يصلح في اللون من الآخر، ويخالف زيادة الصفة، لأن الغرض فيه موجود مع زيادة بالغة. وأما جواز الأخذ فلا أسقط ما عدمه من صفة النوع الذي عينه، فهو يأخذ كما يأخذ الرديء عن الجيد، ولا يشبه الجنس الآخر لا يجوز أخذه، لأنه لا يدخل في صفاته ولا في بعضها فافترقا. وعلى هذا أتى بثوبه مروي فكان ثوب هروي فهو زيادة النوع

<<  <  ج: ص:  >  >>