غرض في تأخيره إلى وقت محله مثل أن يكون رطباً أو لحماً أو غير ذلك مما يخاف تغييره وفساده إلى المحل أو كان شيئاً له حجم يحتاج إلى حفظه إلى مكان مثل القطن ونحوه إن كان يخاف تلفه، مثل الحيوان فيلزمه مؤنة علفة فلا يلزمه قبوله، وإن كان لا يخاف فساده ولا له مؤنة ولا يحتاج في حفظه إلى مؤنة كالدراهم والدنانير والرصاص [ق ١٥٧ أ] والحديد ونحو ذلك ينظر، فإن كان الوقت مخوفاً فلا يجبر أيضاً على قبوله.
وقال بعض أصحابنا: إن كان الخوف موجوداً عند العقد هل يلزمه القبول؟ وجهان. وإن كان الوقت آمناً على قبوله لأنه لا غرض له في تأخير قبوله.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه قولان:
أحدهما: هذا
والثاني: لا يلزمه، لأنه ربما يستقرضه صديق له فيستحي أن يرده وما أشبه ذلك، فيريد أن لا يكون في يده ذلك.
قال هذا القائل: إن كان للدافع غرض في ذلك مثل فك رهن أو إبراء ضامن، أو نجوم كتابة يريد أن يعتق بأدائه يلزم المستحق قبوله قولاً واحداً. وفيه ورد الحديث أن أنس بن مالك رضي الله عنه كاتب سيرين، فجاء بالنجم قبله محله، فأبى أن يأخذه، فرفعه سيرين إلى عمر - رضي الله عنه - وقال: أنه يريد أن أموت ويأخذ مالي وأولادي، فقال عمر رضي الله عنه: لتأخذنه ولأجعلنه في بيت المال وأحكم بعتق سيرين. وروى أنه أخذه منه وقال: اذهب فقد عتقت.
قال هذا القائل: وهذا في غير السلم، فأما المسلم اختلف أصحابنا فيه، فمنهم من قال: هو من الجملة الثانية، لأن للمؤدي غرضاً في ذلك، وتلك أشياء ....... من إنقاذ المسلم فيه من أيدي الناس فينفسخ السلم أو يثبت فيه الخيار [ق ١٥٧ ب] للمسلم. ومنهم من قال: ليس هذا من الأغراض وهو من الجملة الأولى فيه قولان.
وقال في "الحاوي": لو كان في سوق ينتظر ويتوقع زيادة سعر فيه وجهان:
أحدهما: أنه قصد صحيح، وهذا عذر في تأخيره فلا يلزمه أخذه.
والثاني: هذا المعنى لا يختص بالمسلم وإنما يختص بالسلم فلم يجز له عذر في تأخير القبض ويجبر على أخذه.