النكاح، والعوض في الخلع، وقيم المتلفات وأرش الجنايات إذا كان محمداً واستقرت في ذمة الجاني، فإن أخل الشرطان أو أحدهما فكان الحق غير لازم لا يجوز أخذ الرهن به، فمن ذلك البيع لو قال المشتري للبائع: أعطني به وهذا لا يجوز، لأن عين البيع لا تثبت بنفي الذمة وكذلك سائر الأعيان في المغصوب والعارية، ويجوز ذلك، لا يجوز أخذ الرهن، وقال مالك - رحمه الله:[ق ١٦٠ أ] كل عين مضمونة بالتلف يجوز أخذ الرهن عليها قبل التلف كالمغصوب ولا يجوز ذلك في الأمانة.
وقال أبو حنيفة - رحمه الله -: كل عين كانت مضمونة بنفسها جاز أخذ الرهن بها ولا يجوز أخذ الرهن بالبيع، لأنه مضمون بفساد العقد. وهذا غلط، لأن قبل هلاك العين في يده لم يثبت الدين في الذمة ولا يصح أخذ الرهن به كالبيع، وإنما اشترطنا اللزوم لأن الله تعالى ذكر الرهن في الدين، والدين اسم للحق اللازم
فرع
لا يجوز أخذ الرهن بمال الكتابة، وقال أبو حنيفة: يجوز وهذا غلط، لأنه غير ثابت، لأن للعبد إسقاطه بتعجيز نفسه، لأنه إذا تعذر مال الكتابة لا يستوفي من الرهن فلا معنى له. وقيل: فيه وجهان لأصحابنا وليس بشيء. فإن قيل: الثمن قبل التفوق ليس بلازم وكذلك مدة الخيار الثلاث فيجب أن لا يجوز أخذ الرهن به كمال الكتابة. قلنا: الفرق أن الثمن قبل التفرق يؤول إلى اللزوم، فيكون في معنى اللازم خلاف مال الكتابة حق أيضاً، ولا يجوز أخذ الرهن به، وكيف عطف قوله فكذلك كل حق لازم على قوله:"والدين حق" قلنا: اللفظ الشافعي - رحمة الله عليه - ما ذكر في الأم:"والدين حق لازم" فكذلك حق لزم والمزني - رحمه الله تعالى - أخل [ق ١٦١ أ] بالنقل فحسن العطف وسقط السؤال.
فرع آخر
لا يجوز أخذ الرهن في الأمانات من الودائع ومال القراض والشركة ونحوها. وأما الجعل في الجعالة فإن كان بعد عمل العامل يجوز أخذ الرهن به لأنه لازم في الذمة، وإن كان قبل عمل العامل مثل إن قال: من جاء بعبدي الآبق فله دينار. فقال له رجل: أعطني به رهناً وأنا آتيك به، فيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز لأنه غير لازم كمال الكتابة.
والثاني: يجوز لأنه يؤول إلى اللزوم كالثمن في مدة الخيار، لأنه يلزم بالعمل دون العقد خلاف الثمن فيصير لازماً بالعقد فافترقا، ولهذا لا يوصف الحق بالوجوب قبل العمل خلاف الثمن وهذا أصح وهو اختيار صاحب "الإفصاح" والقاضي الطبري.