للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زال بعد لزوم الرهن.

والثاني: فائدة هذا أنه إذا أذن به، ثم زال عقله، ثم اختلف وليه والمرتهن فقال المرتهن: قبضت قبل زوال عقله، وقال الولي بعد ذلك فالقول قول المرتهن؛ لأن العين في يده. ولو كان هذا الإختلاف قبل الإذن في القبض لم يكن القول قول المرتهن.

مسألة

قَالَ: "وَمَا جَازَ بَيْعُهً جَازَ رَهْنُهُ " [ق ١٦٥ أ].

الفصل

وهذا كما قال. كل عين يجوز بيعها يجوز رهنها من مشاع وغيره لا يفترقان في الجواز بحالِ، وإنما يفترق في الأموال، وبه قال مالك، والأوزاعي وابن أبي ليلى، وعثمان البتي، وسوار القاضي، وعبيد الله العنبري، وأبو ثور، وداود، وأحمد- رحمهم الله، وقال أبو حنيفة- رحمه الله-: لا يصح رهن المشاع ولو طرأت الإشاعة هل يبطل الرهن؟ روايتان. وهذا غلط؛ لأن كل عين جاز بيعها جاز رهنها كما تقرر. وهذه المسألة مبينة على أن استدامة القبض شرط عنده في صحة الرهن، وبه قال مالك- رحمه الله- وعندنا ليست بشرط لأنه عقد من شروطه القبض، ولا يعتبر استدامته كالهبة مع أبي حنيفة، والقرض مع مالك، ثم إذا رهن المشاع لا يلزم إلا بالقبض وبقبضه المرتهن كما يقبضه المشتري، فإن اتفق المسترهن والشرك على أن يكون في يد أحدهما كان في يده، وإن تنازعا وقال كل واحد منهما: يكون في يدي فالحاكم ينتزعه من أيديهما ويكري عليهما أو يضعه على يدي عدِل.

وقال ابن القاص: الأساء على أربعة أضرب؛ منها ما يجوز بيعه ورهنه وما لا يجوز بيعه ولا رهنه كالوقف والمكاتب وأم الولد والكلب ونحوها، ومنها ما يجوز بيعه ولا يجوز رهنه وبيعه كجارية [ق ١٦٥ ب] لها ولد صغير يجوز رهنها على الإنفراد ولا يجوز بيعها على الإنفراد، ومنها ما اختلف القول في وهو الطعام الرطب، والمدبر، والثمرة قبل بدو الصلاح يجوز بيعها وفي رهنها قولان، وهذا غير صحيح لأنه ليس على قولنا ما يجوز بيعه ولا يجوز رهنه، والأمة غذا كان لها ولد صغير يجوز رهنها وبيعها أبيضًا لأنها تباع مع ولدها، وإن لم يجز بيعها وحدها في أحد القولين ويجوز رهنها وحدها؛ لأن البيع يفرق بينهما والراهن لا يفرق، فكذلك اختلفت الأحوال في الحقيقة وكذلك الطعام الربك يجوز رهنه بحق حاِل، وفي المؤجل كلام نُنبه عليه في موضعه إن شاء الله تعالى، فإن قال قائل: علة الشافعي على هذا الإطلاق تنتقص بالدين، فإنه إذا كان له في ذمة غريمه دين مستقر يجوز بيع ذلك منه بعين على معنى الاستبدال، ولا يجوز رهنه. قلنا: قصد الشافعي- رحمه الله- به إبطال مذهب من منع رهن المشاع ولم يقصد تحرير

<<  <  ج: ص:  >  >>