فيه النجاسة فغرف منه نُظر، فإن كان بين النجاسة وبين موضع الغرف قلتان فصاعدًا فهو طاهر، وإن كان بينهما. دون القلتين.
قال أبو إسحاق: ما غرف نجس ولا سبيل إلى استعمال ما يغرف إلا أن يكون الماء في موضع واسع مثل البول الكبار والمصالع من كل جانب من النجاسة القائمة قلتين، ثم يأخذ الماء وراء ذلك، فأما في الآبار الضيقة لا يمكن ذلك، والمذهب أنه طاهر؛ لأنه لا يجوز أن يكون كل الماء طاهر فيأخذ بعضه فيكون نجسًا، ويجوز أن يأخذ من أي موضع أراد قرب من النجاسة (٢١٨ ب/ ١) أو بعد عنها ما لم ينقص الماء عن قلتين، فإذا نقص لا يجوز استعماله؛ لأنه صار نجسًا بالنجاسة القائمة فيه.
وقال القفال: فيه قولان أحدهما: قاله في "القديم" ماء غرفه طاهر وهو الصحيح وعليه الفتوى. والثاني: قاله في "الجديد" أنه نجس، وقال القفال: لم أسمع لذلك حدًا وكيفيته في اعتبار القلتين والذي أذهب إليه أنه يعتبر ما بينه وبين موضع النجاسة في مثله من الغرض، وفي مثله من العمق، فإن بلغ قلتين وإلا تباعد شيئًا وزاد في العرض والعمق مثله، فإن بلغ قلتين وإلا زاد لذلك أيضًا، وإن لم يكن له عمق زاد في العرض والطول بالسوية في جميع ما عد من العرض إذا لم يفعل كذلك، فالقليل من الماء إذا أخذ في جميع عمقه البحر بلغ قلالًا.
فرع آخر
قال في "الأم": ولو أخرج النجاسة منها في دلو وأريق الماء الذي معهما لأنه أقل من خمس قرب واجب إلى لو غسل الدلو، فإن لم يغسل ورد في الماء الكثير طهره الماء الكثير.
فرع آخر
لو نجس البئر بتغير الماء بالنجاسة فنزح فنقص عن القلتين ولم يذهب التغير، فعليه أن ينزح كل الماء ويغسل قعر البئر، وكل ما أصابه هذا الماء النجس من حوالي البئر، ولا
يلزمه أن ينزح الغسالة لو غسل أرضًا (٢١٩/ ١) بالغسالة طاهرة لا يلزم إزالتها، وإن لم ينزح ولكن زاد فيه الماء حتى ذهب التغير وبلغ قلتين، فقد بينّا أنه طاهر، وإن كانت النجاسة مانعة فالحكم فيه لو كانت جامدة فأزالتها منه حرفًا بحرف على ما مضى إلا في موضع واجد وهو أنه إذا كان الماء في موضعين وهما قلتان فحصلت فيهما نجاسة مانعة فقد نجسا بحصولها فيهما، فإذا جمعا وصارا قلتين طار الماء طاهرًا مطهرًا، فإن فرقنا بعد ذلك لم ينجسا بعدما طهرا إلا بنجاسة تحدث فيها، فإن كانت النجاسة جامدة فإذا جمعتا عادتا طاهرتين، فإذا فرقا بعد ذلك، فإن الماء الذي مع النجاسة نجس، لأنه دون القلتين وفيه نجاسة قائمة، وقول الشافعي في المسألة الثالثة فخالطته نجاسة ليست بقائمة فيه، لأنه أراد أن يرتب عليه هذا الحكم، وهو إذا فرق الماء بعد ذلك. وقال أصحاب أحمد: لا يحكم بطهارة الماء فإن تجمعا؛