قال:"وَإذَا بِيعَ الرَّهِنُ فَثَمَنَهُ مِنَ الرَّاهِنِ حَتَّى يَقبِضَهُ المُرتهَنٌ" إذا باع العدل الرهن بيعًا صحيحًا فثمنه من ضمان الراهن إلى أن يقبضه المرتهن؛ لأن ثمن المبيع قائم مقام المبيع. ولو هلك المبيع في يد العدل وهو أصل لا ضمان على العدل؛ لأنه أمين, فكذلك إذا هلك الثمن. ثم للمرتهن مطالبة الراهن لحقه, وبه قال أحمد.
وقال أبو حنيفة ومالك: من ضمان المرتهن. فأما أبو حنيفة بناه على أصله أن الرهن مضمون على المرتهن والثمن بدله. وأما مالك فيقول: الثمن للمرتهن وبيع له فكان من ضمانه. وهذا غلط؛ لأن العدل وكيل الراهن في البيع والصمن ملكه وهو ظامين له في قبضه فكان من ضمانه,
أما قوله "الثمن للمرتهن" لا يصح؛ لأنه للراهن وإنما تعلق به الاستيفاء له. وأما قول الشافعي ههنا [ق ٢٣٠ أ]"فَثَمَنَهُ مِنَ الرَّاهِنِ" أراد من ضمانه كما قال صلى الله عليه وسلم: "لا يغلق الرهن من راهنه" يعني من ضمان راهنه, وذلك عادة العرب في حذف المضاف.
إذا كان الرهن على يدي عدلٍ وقد وكلاه ببيعه عند محل الحق, فمات الراهن, وكان الحق خالاً أو حل عليه الحق بوفاته انفسخت الوكالة, فإن أراد الوارث قضاء الحق من غير الرهن أو من عنده جاز, وإن امتنع نصب الحاكم أمينًا ليبيع هذا الرهن, إما ذلك العدل أو غيره, فإذا باع الرهن وسلمه إلى المشتري وقبض الثمن فتلف الثمن في يد الأمين وخرج الرهن مستحقًا فالكلام فيه أربعة فصول؛ في المستحق, والمرتهن, والعدل, والمشتري. وهكذا لو كان هذا في مفلس قد نصب الحاكم ليبيع ماله فباع عينًا من ماله وسلمها إلى المشتري وقبض الثمن فضاع من يده وخرج المبيع مستحقًا يكون الكلام في المستحق والغرماء والأمين والمشتري. فبدأ بالمستحق فيأخذ عين ماله؛ وإن كان مع المستحق بينة حلف المستحق مع يمينه؛ لأنا نقضي بالبينة بغير يمين المدعي