صدقه أنه دفعه, قال أصحابنا: فإن كان دفعه بحضرة الراهن واعترف الراهن بذلك لم يرجع الراهن على العدل؛ لأنه إذا حضر كان التفريط في ترك الإشهاد منسوبًا إليه.
وهكذا إذا لم يكن بحضرته إلا أنه كان قد أشهد عليه شاهدين أو شاهدًا وامرأتين ثم ماتا أو فسقا فلا ضمان عليه قولاً واحدًا. وإن أشهد عليه شاهدًا واحدًا ومات فيه وجهان:
أحدهما: يضمن لأن الشاهد الواحد ليس ببينة فقد فرط فيه.
والثاني: لا يضمن وهو اختيار القاضي الطبري؛ لأن الشاهد مع اليمين بمنزلة الشاهدين, فكان له أن يعول على يمينه مع الشاهد الواحد, وإن رجع على العدل لا يرجع على الراهن؛ لأنه يقول: ظلمني المرتهن فيما أخذ مني ثانيًا.
مسألة:
قال: "وَلَو بَاعَ بِدَينٍ كَانَ ضَامِنًا" أي: إذا باع وسلم.
فأما مجرد البيع لا يوجب الضمان, وأراد أنه ضامن القيمة؛ لأن ضمان الثمن إنما يتوجه عند صحة البيع وهذا البيع في الأصل فاسد, وقد ذكرنا هذه المسألة.
مسألة:
قال: "وَلَو قَالَ لَهُ أَحدَهُمَا: بِعْ بِدَنَانِير, وَقَالَ الآخرُ: بِع بِدِرهَم".
الفصل.
إذا اختلفا في جنس الثمن الذي يباع الرهن به [ق ٢٣٤ أ] فقال الراهن للعدل: بعه بالدراهم, وقال المرتهن: بالدنانير لم يكن له بيعه حتى يتفقا على ما يباع؛ لأن لكل واحد منهما حقًا فيه, فإن لم يتفقا رفع إلى الحاكم حتى ينظر فيه, فإن كان كل واحد منهما يريد غير نقد البلد باعه الحاكم بنقد البلد, فإن كان جنس حقه منه صرفه إليه, وإن لم يكن جنس حقه صرفه في جنس حقه ووفاه إياه, وإن كان ما يقوله الآخر ليس بنقد البلد وما يقوله الآخر نقد البلد على ما ذكرنا لا؛ لأنّا قدمنا قوله ولكن لأنه يقتضيه الحكم وإن كان ما يقوله كل واحد منهما نقد البلد وكان في البلد نقدان, فإن كان أحدهما أغلب باعه بالأغلب, وإن استويا باعه بالأحظ, وإن استويا باعه بجنس حقه باع بما هو أسهل صرفًا إلى جنس الحق, فإن استويا عين الحاكم.
قال أصحابنا: وكذلك إذا كان حقه دراهم فقال المرتهن: أريد البيع بالدنانير وقال الراهن: أريد بالدراهم ويحصل من ثمنه مقدار حقه بيع بالدراهم ولا يراعى قول المرتهن؛ لأنه لا غرض له في هذا الموضع. وعلى هذا لو كان الأرفق به أن يباع بجنس