فرع آخر
لو رهن خاتمًا فلبسه المرتهن صار ضامنًا وعليه أجرة مثله إن لبسه مدةً يكون لمثلها أجرة, ويجوز إجاره عند أصحابنا.
مسألة:
قال: "وِلَو جَنَي المَرهُونَ عَلَى سَيِّدِهِ فَلَهُ القَصَاصُ".
الفصل:
إذا جني العبد المرهون لا يخلو إما إن جنا على أجنبي, أو على سيده, أو على من يرثه السيد, فإن جني على أجنبي فقد ذكرنا حكمه أنه يقدم حق المجني عليه على حق المرتهن؛ لأن حق الأرش برقبة العبد أخص وأكد من تعلق دين المرتهن به, بدليل أن الأرش يسقط دين الراهن بموت العبد ولا يسقط دين المرتهن به.
فإذا تقرر هذا, فإن كان الأرش أقل من قيمة العبد فهو الواجب, فإن اختار السيد [ق ٢٤٢ ب] الفداء بقي العبد رهنًا كما كان, وإن لم يختر الفداء يباع منه بقدر الأرش على ما ذكرنا, وإن كان أكثر من قيمة العبد فيه قولان, والأصح أنه يلزم أقل الأمرين من القيمة أو الأرش على ما ذكرنا.
وإن كانت الجناية على سيده لا يخلو إما أن تكون نفسًا أو من دون النفس, مثل إن قطع يده أو رجله أو نحو ذلك فله القصاص. ويفارق هذا إذا سرق مال سيده لا يقطع؛ لأن الغالب أن مال السيد لا يكون محرزًا عن العبد, وهل للسيد أن يقتص منه لنفسه, أو يقتص له السلطان؟ وجهان:
أحدهما: يجوز له كما يجوز إذا زنا.
والثاني: لا يجوز له لأنه الخصم في القصاص.
فإن اختار القصاص فلا كلام, وإن عفا على مالٍ قال الشافعي: "لا يثبت المال" لأن المال الذي يثبت للمجني عليه على عبده في رقبةٍ والرقبة مملوكة له ومال من أنواله فلم يجز أن يعفو على مال ويثبت له المال ويتبعه في الجناية فيبطل الرهن ويسقط حق المرتهن, وإن كانت الجناية خطأ فإنها هدر والعبد رهن لحاله على ما نص عليه الشافعي. وعلى مذهب ابن سريج يجب أن يكون له بيع العبد وإسقاط حق المرتهن منه.
وإن كانت نفسًا فللوارث أن يقتص منه, فإن عفا على مالٍ نص الشافعي في [ق ٢٤٣ أ] "الأم" على قولين:
أحدهما: ليس له ذلك لأنه قائم مقام مورثه وهو الصحيح.
والثاني: له ذلك؛ لأن الجناية حصلت في غير ملكه.