للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورهن الآخر العبد الآخر عند زيد بمائة نصفه له ونصفه لشريكه نظر، فإن [كان] ذلك بغير شرط فالحكم فيه علي ما ذكرنا، وإن كان بشرط فيه ثلاث مسائل:

إحداها: أن يقول [ق ٢٥١ أ] لزيد: رهنت عندك هذا العبد بمائة النصف منه لي ونصفه لشريكي على أني متى قضيتك المائة خرج هذا العبد كله من الرهن، ونصيبي من العبد الآخر الذي رهنه شريكي عندك، فهذا شرط فاسد؛ لأن إطلاق العقد يقتضي أن لا يخرج بقضاء الدين غير العبد المرهون، فإذا شرط ذلك نافي مقتضى العقد فأبطله، وهذا الشرط يتضمن نقصان حق المرتهن فيبلط الرهن قولًا واحدًا.

والثاني: إذا شرط أن يخرج هذا العبد والعبد الآخر كله من الرهن فهذا أفسد من الشرط الأول يبلط به الرهن قولًا واحدًا.

والثالثة: إذا قال: متى قضيتك المائة لم يخرج عبدي من الرهن حتى يقضي شريكي دينك فيخرجان معًا، فهذا فاسد أيضًا؛ لأنه خلاف مقتضى العقد ولكنه زيادة وثيقة للمرتهن، فهل يبطل الرهن؟ قولان:

فرع آخر

لو أخذ عبدًا من رجل آخر وأذن له كل واحد منهما في رهنه بخمسين درهمًا فرهنهما بمائة درهم عند رجل واحد وعلم المرتهن بذلك فقضاه خمسين. قال بعض أصحابنا: له أن يفك أحدهما من الرهن قولًا واحدًا. وقال القاضي الطبري: هذا غلط عندي، ولا فرق بين العبدين وبين العبد الواحد فيجب أن يكون فيه قولان أيضًا كما ذكرنا في العبد الواحد.

فإذا تقرر هذا رجعنا إلى سواد "المختصر" قال [ق ٢٥١ ب] الشافعي:

"فأشبه الأمرين أنه غير ضامن".

وهذا يوهم أن الكناية راجعة إلى السيد وليست براجعة غليه، وإنما ترجع إلى المستعير بدليل أن الشافعي فرض القول في رجوعها إلي فقال:

"فأشبه الأمرين أنه غير ضامن"، وإنما اختلف قوله في ضمان المستعير، وأما المعير فلا يضمن شيئًا حتى يتوهم رجوع الكناية إليه.

ثم قال الشافعي في تعليل هذه المسألة:

"وليس كالمستعير الذي منفعته مشغولة".

وهذا اللفظ بهذا الإيجاز في غاية الإشكال لمن تأمله، ومعناه أن المستعير ههنا لا يضمن، وليس كالمستعير للاستخدام؛ لأن منفعته بالخدمة مشغولة عن معيره ومنفعة هذا العبد المستعار المرهون للمعير وهو مستخدمه، فكيف يضمنه معيره ومستخدمه معير،

<<  <  ج: ص:  >  >>