للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم ينجس تأخى".

الفصل

وهذا كما قال إذا كانت معه أوان في بعضها ماء طاهر وفي بعضها ماء نجس، واشتبه عليه يجزئ سواء كان عدد الطاهر أقل أو أكثر، وسواء، وكذلك الثياب. وقال المزني، وأبو ثور: لا يجوز التحري بحال لئلا يتوضأ بالنجس ويصلي بالتميم. وبه قال أحمد، وعنه في وجوب إراقتهما قبل التيمم روايتان [٢٢٢ ب/ ١] وقال في الثياب: أنه لا يتحرى بل يصلي في كل واحد منهما. وقال ابن الماجشون، ومحمد بن مسلمة أنه يتوضأ بأحدهما ويصلي، ثم يتوضا بالآخر ويغسل ما أصابه الأول من ثيابه وبدنه، ثم يصلي. وقال أبو حنيفة: يجوز التحري في الثياب على الإطلاق ولا يتحرى في الأواني إلا أن يكون عدد الطاهر أكثر، وهذا غلط لأن كل جنس يجوز فيه التحري إذا كان الطاهر يجوز إذا كان

عدد النجس أكثر أو ساواه كالثياب، والدليل على بطلان قول المزني أن ما هو شرط في الصلاة إذا اشتبه أمره جاز طلب صوابه بالاجتهاد كالقبلة، ولأن في الإناء الواحد إذا وقع الشك في نجاسته بناه على أصل الطهارة فجاز في الإناءين أن يبنى أمر أحدهما على الطهارة بالاجتهاد، ولأن القاضي يجتهد في الأحكام فيطلب الحق باجتهاده إذا اشتبه عليه كذلك هنا.

واحتج المزني بأنه لا يتحرى في إناء ماء وغناء بول، ولا في ميتة ومزكاة، ولا في امرأتين إحداهما محرمة عليه كذلك ههنا، وأيضًا التحريم يغلب على التحليل، كما لو اختلط النجس بالطاهر. قلنا: الفرق أنه ليس له اصل في افباحة لأنه لا يستباح الحيوان إلا بالذبح، وقد شك في وجود الريح، ولا يستباح الفرج إلا بالنكاح الصحيح [٢٢٣ أ/ ١]، والأصل تحريم الفرج ولا أصل للبول في الطهارة بخلاف الماء النجس فيرده بالتحري إلى الأصل.

وأما إذا اختلط النجس بالطاهر فقد نجس بحيث لا يمكن التمييز. وههنا يمكن التمييز بالتحري. فإذا تقرر هذا، فاصل ما يمكن التحري فيه أن يكون الشيئان طاهرين، ثم ينجس أحدهما، كالماءان والمائعين غير الماء من اللبن والعسل، والثوبين: فإما بين طاهر ومحظور الأصل كالبول والماء والزكاة والميتة لا يجوز التحري فيه بحالٍ. وعند أبي حنيفة: يجوز التحري في الماء واللبن غذا كان عدد الطاهر أكثر كما قال في الماء، ووافقنا في المزكاة والميتة أنه لا يجوز التحري، وإن كان عدد المزكاة أكثر، فإن قيل: لم جوزتم التحري في غير الماء ولا ضرورة إليه للتطهير؟ قيل: لأنه يؤدي إلى غضاعة المال وفيه مشقة، ولأن الكل سواء في الطهارة قبل وقوع النجاسة فكذلك يستوي الكل في جواز التحري.

فرع

كيفية التحري أن يطلب النجس بالعلامات من انكشاف الإناء وحركة الماء وتغير

<<  <  ج: ص:  >  >>