ينظر, فإن كان مما ينقسم ويتساوى أجزاؤه كالحبوب وما يكال ويوزن يجبر شريكه على مقاسمته, وإن كان عبدًا أو مواشي لا يجاب إلى القسمة؛ لأنها أعيان مختلفة والقسمة فيها مناقلة الملك للمرتهن منعهما منه, وكذلك إذا كان حجرتان فأراد أن ينقسما على أن يتعين حق كل واحد منهما في حجرة منفردة فللمرتهن منعهما, فإن كان الرهن براحًا أجزاؤه متساوية في القيمة كان بمنزلة الحبوب, وإن كان دارًا فطالب أحدهما بالقسمة [ق ٢٧٥ أ] أجبر الآخر عليها إذا لم يكن رهنًا, وإن كان رهنً فيها وجهان:
أحدهما: لا يجبر لأن ثمن نصفهما مشاعًا أكثر من ثمن نصفها مقسومًا.
والثاني: يجبر ولا يعتبر رضي المرتهن؛ لأن هذا الضرر لا يتبين فيها, فإذا قيل: قيد الشافعي كلامه بقوله معًا فقال:
"إذا رهناه معًا عبدًا بمائةً".
فما فائدة هذا التقييد إذا كان يصح الرهن سواء رهناه معًا أو أحدهما بعد الآخر على التعاقب؟ قيل: إنما قيد هكذا ليوافق مسائل الباب ترجمة الباب؛ لأنه ترجم الباب برهن الرجلين الشيء الواحد من الرجل الواحد, وأيضًا فائدته التنبيه على موضع الإجماع لأنهما إذا رهناه معًا كانت مسألة إجماع, وإذا ترتب العقد إن كانت مسألة خلاف على ما ذكرنا.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: إن كان مما يقسم بالأجزاء فعلى قولين بناء على أن القسمة بيع أو إقرار حق, فإن قلنا بيع لا يجوز لأنه بيع المرهون بغير المرهون, فإن يبيع نصف هذا بنصف ذاك, وإن كان مما يقسم بالقيمة لا يجوز قولاً واحدًا [٣/ ١٥١] نص عليها لأنها بيع.
قال الشيخ أبو بكر الصيدلاني, ذكره القفال, والذي في حفظي عنه أنه متى ما لم يكون في القسمة رد شيء فهو على القولين, وإن احتاجت إلى رد شيء يكون بيعًا قولاً واحدًا, وقول الشافعي ههنا: كان الذي افتك نصفه أن يقاسم المرتهن بإذن شريكه على قولنا إنه إفراز حق [ق ٢٧٥ ب] غير أن الشافعي شرط إذن الشريك.
وقال بعض أصحابنا: لا يشترط ذلك بل هو استحباب لا يجبر عليها عند الامتناع, والصحيح أنه لابد من الإذن غير أنه إن امتنع من الإذن يرفعه إلى الحاكم حتى يجبر شريكه على القسمة والأصح ما ذكرنا فيما تقدم.
مسألة:
قال: " ولو رهنه من رجلين بمائةٍ وقبضاه فنصفه مرهون لكل واحدٍ منهما".
صورته: أن يكون لرجلين على رجلين ألف درهم لكل واحد منهما ألف فرهن عندهما شيئًا بألف فالرهن صحيح كالبيع وكان بمنزلة الصفقتين, فإن اتفقا على أن يكون