إذا رهنه رهنًا وشرط فيه شرطًا لم يخل من أحد أمرين؛ إما أن يكون شرطًا لا ينافي مقتضى العقد أو ينافي مقتضاه، فإن كان شرطاً لا ينافي مقتضاه مثل أن يقول: بشرط أن تقبضه، أو بشرط أن يباع الحق متى حل للإيفاء، أو بشرط أن يكون على يدي ثقةٍ أو نحو ذلك، فالرهن صحيح والشرط تأكيد، وإن كان شرطًا ينافي مقتضاه لم يخل من أحد أمرين؛ إما أن يكون نقصانًا في حق المرتهن أو زيادة فيه، فإن كان نقصانًا مثل أن يقول: بشرط أن لا يقبضه أو لا يباع بالدين ونحو ذلك فالرهن باطل قولًا واحدًا، وإن كان زيادة في حقه مثل أن يقول: يباع قبل محل الحق بأي ثمن كان، أو الزوائد تكون رهنًا هل يبطل الرهن قولان.
والفرق أن الشرط الذي يزيد في حق المرتهن [ق ٢٨٤ ب] إذا سقط بقي الرهن تاماً، فالشرط الذي ينقص في حق المرتهن إذا سقط بقي الرهن ناقصاً غير تام فلم يصح، وأما في البيع لا فرق بين شرط يزيد في الثمن أو ينقص منه في أنه يبطل، لأنه يأخذ قسطاً من الثمن فيؤدي إلى جهالة الثمن.
فإذا تقرر هذا، واشترط المرتهن على الراهن منافع الرهن لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يشترط أن ملكها له، أو يشترط أن ملكها له، أو يشترط أنها تدخل في الرهن، فإن اشترط أن ملكها له فالشرط والرهن والبيع باطل قولًا واحدًا؛ لأنه لم يرض بالثمن المذكور في البيع إلا بأن يكون معه ملك المنافع وذلك مجهول، وإن لم يكن شرط هذا شرط هذا البيع هل يبطل الرهن به؟ فيه قولان لأنه زيادة في حق المرتهن، وإن اشترط أن منافعه تدخل في الرهن فالشرط باطل، وهل يبطل الرهن؟ قولان:
أحدهما: يبطل وهو الأصح لأنه يعتبر موجب العقد.
والثاني: لا يبطل. فإذا أبطلنا الرهن هل يبطل البيع؟ قولان: وعند أبي حنيفة لا يبطل الرهن بالشروط الفاسدة كالهبة عنده يبطل البيع، وقيل: قال الشافعي في القديم، و"مختصر الرهن" يصح الشرط وما يتجدد يكون رهناً مع الأصل، وهو قول عطاء. ووجه هذا أنه يدخل في العقد تبعاً إذا اشترط فيجوز أن يكون مجهولًا، وذكر القاضي أبو علي الزجاجي أن الشافعي قال في "القديم"[٢٨٥ أ] في الشرط: ولولا حديث معاذ ما رأيته جائزًا.
فإذا قلنا: يجوز الرهن ولا يصح هذا الشرط فلأنه جمع بين معلوم ومجهول فيخرج على قولي تفريق الصفقة، وأصح القولين أنه يجوز في المعلوم بخلاف البيع؛ لأن هناك يبطل في المعلوم قولًا واحدًا؛ لأنه لا حاجة في الرهن إلى توزيع الحق بخلاف البيع.