الثمن ولا يكلفك المحاصة والمضاربة لم يبطل حقه من الفسخ؛ لأن النبي صَلَى الله عليه وسلم جعل البائع أحق بالعين فهو أحق بها في جميع الأحوال, ولربما يأخذ الثمن دون العين فيظهر للمفلس غريم آخر, فليرجع عليه في ذلك الثمن بالقسط. وكذلك ورثة الميت لو قالوا للبائع: نبذل لك الثمن له الفسخ أيضًا.
وقال مالك: يسقط في المسألة الأولى خياره بذلك, ولا يتصور الخلاف معه في المسألة الثانية. واحتج بأنه يزول ضرره بذلك. وهذا غلط لما ذكرناه؛ ولأن الغرماء متبرعون بذلك ولا يلزمه قبول التبرع للمنة كما لو تبرع رجل بقضاء دين رجل لا يلزمه قبوله.
مسألة:
[ق ٢٩٥ أ] قال: "وَإِنْ تَغَيَّرت السِّلْعَةُ بِنقْصٍ فِي بَدَنِهَا بِعَوَرٍ أَوّ غيرِهِ".
الفصل: إذا وجد البائع عين ماله في يد المفلس لم يخل من ثلاثة أحوالٍ؛ إما أن تكون بحالها لم تزد ولم تنقص, أو نقصت أو زادت, فإن كانت بحالها نظر, فإن لم يكن تعلق بها حق الغير كان البائع أحق بها وله ترك الرجوع فيها والرضا بالمحاصة؛ لأن النبي صَلَى الله عليه وسلم قال في الخبر: "صاحب المتاع أحق" وهذا اللفظ يقتضي أن يكون مخيرًا, إن شاء رجع وإن شاء لم يرجع, وإن كان قد تعلق حق الغير بها بأن رهنها ثم أفلس لا يكون للبائع الرجوع فيها والمرتهن مقدم بثمنها على الغرماء فتباع في حقه, فإن كان وفق حقه انفرد به, وإن كان دون حقه بيع منه بقدر حقه والفاضل للبائع؛ لأنه عين ماله. ولو كان قد باع ثم عاد إليه بهبة أو إرث قد ذكرنا وجهين في موضع من هذا الكتاب, ولو عاد بشراء جديد فيه أوجه:
أحدها: البائع الأول أولى بعين ماله؛ لأن حقه أقدم.
والثاني: البائع الثاني أولى في الرجوع إليه؛ لأن هذا الملك القائم في الحال متلفًا من قبله.
والثالث: هما سواء يتحاصان فيه بقدر حقوقهما كما لو استدان ديونًا كثيرة لا يراعى الترتيب فيها, بل يستوي أربابها. ذكره أصحابنا بخراسان.
وإن كانت العين ناقصة لم يخل من أحد أمرين؛ إما [ق ٢٩٥ ب] أن يكون نقصانًا يفرد بالعقد أو لا يفرد به, فإن كان نقصانًا يفرد بالعقد مثل إن كان المبيع ثوبين فهلك أحدهما أو ثوبًا واحدًا فهلك بعضه فالمذهب أن البائع بالخيار بين أن يضرب بالثمن مع الغرماء وبين ان يأخذ المأخوذ ويضرب مع الغرماء بحصة التالف. وإن كان نقصانًا لا يمكن إفراده بالعقد مثل إن كان عبدًا فذهبت يده أو عينه ولم يخل من أحد أمرين؛ إما أن يكون ذهابه بوجوب