وفرق الشافعي بين المبذور وبين المفلس بلفظ موجز, فقال:
"لأن الوقف الأول لم يكن له لأنه غير رشيد".
يعني أن وقف مال المفلس لم يكن لعدم رشده فصح عقده بعد قسمة ماله من غير أمر الحاكم. بخلاف حجر السفيه, وقيل: المحجور عليهم أربعة, المحجور عليه لسفهٍ [ق ٣٢٥ ب] لا يزول الحجر عنه إذا صار رشيدًا إلا بالحاكم, والثاني: المحجور عليه بالجنون متى زال الجنون زال الحجر بغير الحاكم, والثالث: المحجور عليه للفلس, وقد ذكرنا.
والرابع: المحجور عليه لصغره, إذا بلغ ورشد هل يزول الحجر عنه بغير من له الولاية عليه من أب أو حاكم؟ وجهان, وقيل: إنهم ستة, والخامس: المريض يصير محجوزًا عليه فيما زاد على الثلث من غير الحاكم, وإذا زال المرض زال الحجر من غير الحاكم, والسادس: المرتد هل يصير محجورًا عليه بنفس الردة؟ قولان: حكاهما أبو حامد في "الجامع":
أحدهما: يصير محجورًا لتعلق حق المسلمين بماله فأشبه حجر المريض لتعلق حق الورثة بماله.
والثاني: لا يصير محجورًا إلا بالحاكم كحجر السفيه, لأنه حجرًا وجبه فعل المعصية والسفه إذا أسلم زال الحجر بلا خلاف.
مسألة:
قال: "فإن شهدوا أنهم رأوا في يديه مالا سألته".
الفصل:
وهذا كما قال, إذا ادعى الغرماء أنه أفاد مالًا بعد فك الحجر عنه لم يخل من ثلاثة أحوال, إما أن ينكر, أو يعترف به لنفسه, أو يعترف به لغيره, فإن أنكر فالقول قوله؛ لأن الحاكم الحجر عنه حتى يثبت إعساره عنده فكان الأصل الإعسار حتى يعرف المال, وإن قال: ملكت مالًا ملكوا ........... مطالبته بالدين [ق ٣٣٦ أ] فإن سألوا أن يعيد الحجر عليه نظر, فإن كان ما معه أكثر مما عليه لم يحجر عليه, وإن كان دون ذلك حجر عليه, ثم غرماء الحجر الأول والغرماء الذين تجددوا بعده في الضرب بعد الحجر الثاني سواء.
وقال مالك - رحمه الله-: يختص به الغرماء المتأخرون لأنه استفاد من جهتهم, وهذا غلط؛ لأن حقهم كلهم في ذمته حال الحجر, فكانوا سواء وما ذكروه لا يعلم حقيقة, ثم مهر الزوجة وسائر الديون سواء, وإن لم يحصل له منها مال, وإن أقر الإنسان, وقال: هذا مضاربة لفلان أو وديعة, فإن كان المقر له حاضرًا سألناه, فإن قال كذب مالي قبله حق حكمنا بالمال للمفلس وكان للغرماء المطالبة بالدين.