صاحبه فصارت ضررًا عليهما.
والثاني: هو قول أبي علي بن أبي هريرة يجبره على هذه القسمة بالقرعة، لأن الضرر على كل واحد منهما في هدم حصته يسير فلم يمنع من القسمة. ولأنه قد يمكن وله إزالة الضرر بقطع الحائط بينهما بالمنشار، فلا ينهدم من حصة الآخر شيء.
مسألة: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "وَلَوْ هَدَمَاهُ ثُمَّ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَكُونَ لأَحَدِهِمَا ثُلْثُهُ للآخَرِ ثُلْثَاهُ عَلَى أَنْ يًحْمِلُ كُاّ وَاحِد مِنْهُمَا مَا شَاءَ عَلَيْهِ إِذَا بَنَاهُ فَالًّاحُ فَاسِدٌ وَإِنْ شَاآ أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا قُسَّمَتْ أَرْضُهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ".
قال في الحاوي: وهذا كما قال. إذا هدم الشريكان حائطًا بينهما، ثم اصطلحا عند بنائه بمالهما أن يكون لأحدهما ثلثه، للآخر ثلثاه، على أن يحمل كل واحد منهما عليه ما شاء من أجذاع وغيرها، فهذا صلح باطل لثلاثة معان:
أحدهما: أنه بذل بصلحه على الثلث بعد ملكه النصف سدسًا بغير عوض. وبذل الملك في الصلح إذا كان عبثًا بغير عوض لا يصح.
والثاني: أنه شرط فيه الانتقال لملك صاحبه من غير عوض وذلك لا يصح.
والثالث: أن اشترط لنفسه ارتفاقًا مجهولاً وذلك باطل، فإذا ثبت بطلان الصلح لما ذكرنا. وكانا قد عملا به ووضعا فوق الحائط ما شاءا فالملك بينهما نصفان على ما كان من قبل، ثم لكل واحد منهما أن يأخذا صاحبه بقلع ما وضعه في الحائط من أجذاعه.
وسواء في ذلك من شرط الزيادة والنقصان، لأنه وإن كان مأذونًا فيه فهو عن عقد فاسد، ففسد ما تضمنه من الإذن.
ولأن الإذن يقتضي وضع ما يستأنفه، كما يقتضي وضع ما تقدمه ثم كان ممنوعًا من المستأنف، فكذلك من المتقدم ولا وجه، لأن يقر أجذاع من شرط الزيادة لنفسه لأن صاحبه قد شرط عليه ما لم يحصل له من وضع ما شاء من أجذاعه.
فصل
قال الشافعي رحمه الله: فإن شاءا أو أحدهما، قسمت أرضه بينهما نصفين.
وقد اختلف أصحابنا في تأويل هذا الكلام بحسب اختلافهم في كيفية قسمة العرصة جبرًا بين الشريكين.
فذهب أبو إسحاق المروزي إلى أنه محمول على إيقاعها جبرًا إذا طلب أحدهما قسمة العرصة طولاً لا عرضًا.
وذهب أبو علي بن أبي هريرة إلى أنه محمول على إيقاعها جبرًا على الأمرين طولاً وعرضًا وقد مضى مشروحًا.