للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يأخذ مالاً بدلا عما يبذله من هواء سطحه, كما لا يجوز أن يأخذ مالا على جناح يشرعه جاره في هواء داره. قلنا: لو أخذها لما على إشراع الجناح في هواء الدار على أن تكون خشبة الجناح موضوعة على ملك قابض المال, كانت المصالحة صحيحة وهذه صورة مسألة الكتاب، فأما ما ذكرت من الصلح الفاسد في إشراع الجناح فصورته أن لا تعتمد خشبة الجناح على جدار القابض للمال، فهي معاملة على الهواء المنفرد فلا يصح مثل ذلك على هواء صحن الدار وهذا لأنه لا يجوز إفراد الهوا، بالبيع ويجوز إفراد القرار بالبيع.

مسألة: قال: وَلَوْ اشْتَرَى عُلوَ بَيْتٍ عَلَى أَنْ يَبْنِيَ عَلَى جُدْرَانِهِ وَيَسْكُنَ عَلَى سَطْحِهِ أَجَزْتُ ذَلِكَ.

الفصل

وهذا كما قال: يجوز شراء العلو [(٤) /ب] بشرط أن يبني عليه بناء معلوماً, فأما بناء مطلق غير معلوم فلا يجوز, ويخالف إجارة الأرض بشرط أن يبني عليها ما أراد من الأثقال لأن الأرض حمالة لجميع ما يبنى عليها وليس كذلك الحيطان, فإنه لا يحمل عليها إلا مقدارًا معلومًا فلا يجوز بشرط البناء المطلق. ولا يضر أن يصف كل جدار يكون سمكه وغلظه وطوله, ويكون رصفا أو مطبقًا, ويصف السقف كذلك. وحكي عن أبي حنيفة أنه قال: لا يجوز بانفراده لأن العلو تبع يجري مجرى المرافق التي لا يجوز إفرادها بالعقد، وهذا غلط، لأن العلو عين مملوكة يجوز الانتفاع بها كالسفل فجاز بيعها. وقال في الحاوي: إن شرطا أن يبنى ما شاء لا يجوز للجهالة وإن أطلقا البناء فيه وجهان, أحدهما: يجوز ويبنى ما احتمله لأنه يعرفه أهل الخبرة، والثاني: لا يجوز وهو الأصح لأن العادات فيه مختلفة وهذا غريب. وقال فيه: ولو تبايعا مطلقا من غير شرط البناء هل للمشتري أن يبني؟ فيه وجهان, أحدهما: له ما يحتمله لأنه من منافع ملكه، والثاني: ليس له ذلك لما فيه من الإضرار بالسفل، ومنفعته تكون مقصورة على السكنى والارتفاق بما تضمنه العقد من غير إحداث زيادة. ولو باعه بشرط أن لا يبني فالبيع جائز وهذا الشرط لم يتضمن حجرا فيما ملكه بالعقد، بل تضمن أنه ليس له إحداث ما ليس على ملكه في الحال بخلاف ما لو باعه أرضا على أن لا يبني عليها لا يجوز لأنه لم يبق للبائع فيها حق ولا يدخله ضرر بالبناء، وهاهنا العلو متصل بملك البائع, وفي البناء إضرار به فصار الشرط فيه متعلقا بحقه فافترقا. فإن قال قائل: هذه المسألة والتي قبلها سواء في الحكم، فأي فائدة في الإعادة على نسق واحد. قلنا: يحتمل أن الشافعي أراد أن يبين التسوية بين لفظة المصالحة ولفظة الشراء في هذه المسألةء فأكرها مرة بلفظ الصلح ثم أعادها بلفظ الشراء في غير تلك الصورة. أو نقول المسألة الأولى مصورة في العارية عند بعض أصحابنا, وهذه الثانية مصورة في الشراء فتكونان متباينتين من غير تكرار. قال المزني: هذا غير منعه في [(٥) /أ] كتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>