للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل

وهذا كما قال نص الشافعي في الجديد: أن المسح على الخفين مؤقت فالمقيم يمسح يومًا وليلة، والمسافر يمسح ثلاثة أيام ولياليهن، وبه قال علي، وابن عباس، وعطاء، وشريح، وجماعة الفقهاء، وقال مالك: يمسح المسافر بلا توقيت في الرواية الصحيحة والمقيم كذلك في الرواية الضعيفة، وبه قال عمر، وابن عمر، وعائشة، والليث، وربيعة، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، والشعبي وحكي الزعفراني أن الشافعي كان يقول بهذا: إلا أن يجب عليه غسل الجنابة، ثم رجع عن ذلك قبل أن يخرج إلى مصر، فقيل: في المسألة

قولان، وقيل: قول [٢٣٩ أ/١] واحد أنه مؤقت، واحتجوا بما روي عن أبي عمارة، وكان قد صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم القبلتين - رضي الله عنه - أنه قال: قلت يا رسول الله أمسح على الخفين، قال: نعم قلت: يومًا. قال: نعم. قلت: وثلاثة أيام، قال: نعم وما شئت. وروي: وما بدا لك قلت وروي أبو داود في هذا الحديث حتى بلغ سبعًا، وقال أنس - رضي الله عنه - قلت: يا رسول الله لم أمسح على الخفين فقال: ما دامتا في رجليك.

وروي عن عمر - رضي الله عنه - أن وفدًا قدموا عليه فقال لهم: منذ كم تمسحون على الخف؟ فقالوا: منذ جمعة. فقال: أصبتم سنة نبيكم. وروي عن زيد بن ثابت أنه قال: رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسافر أن يمسح ثلاث أيام ولو استزدناه لزادنا. ولأنه مسح بالماء فلا يتعدر كمسح الرأس قلنا: نقابل بخبر أبي بكرة على ما ذكرنا فحد يحد، والتحديد يمنع النقصان والزيادة، ولم يمنع النقصان ههنا فدل أنه يمنع الزيادة، وروى علي - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم "جعل ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويومًا وليلة للمقيم" وأما خبر أبي عمارة فرواه محمد بن يزيد، وأيوب بن قطن، وهما ضعيفان إذ لم يرويه في مدة واحدة، بل أراد بتجديد الوضوء عند [٢٣٩ ب/١] انقضاء كل مدة وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم "التراب كافيك ولو لم يجد الماء عشر حجج" أراد إذا تيمم كل مرة.

وأما حديث خزيمة فوهم منه ولا حكم للوهم، وأما مسح الرأس أصل لا يشبه البدل بخلاف هذا، بدليل أنه لو نزع الخف بطل المسح.

فإذا تقرر هذا، فلا خلاف أن ما قيل من الحدث من وقت اللبس لا يحتسب من وقت المسح. وأما ما بعد الحدث اختلف العلماء فيه، فعندنا أنه يعتبر ابتداء المدة من وقت الحدث، فإذا مضت المدة من ذلك الوقت انقطع حكمه، ولا يجوز له بعد ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>