لو قال: أحلتك على زيد على أني ضامن للمال حتى تقبضه فعلى قياس قول المزني: يكون ضمانًا بلفظ الحوالة فيصح إذا قبل المحال عليه، وعلى قياس قول ابن سريج: يكون حوالة فاسدة اعتبارًا بظاهر اللفظ، وما اقترن به من فساد الشرط.
وهذا كما قال: المحال عليه إذا أحال المحتال على آخر صحت الحوالة لأنه دين يجوز أن يأخذ عنه عوضًا فجاز أن يحيل به، وهذا يدل على أن مال الحوالة بمنزلة المقبوض لأن التصرف فيه جائز مجرد العقد. وعلى هذا أبدًا يكون المحتال واحدًا والمحال عليه يتكرر. ولو أن الأخير أحاله على الأول ما أحال عليه، وإن تكرر المحتال دون المحال عليه مثل أن قبل الحوالة فتحول الحق إلى ذمة المحال عليه ثم المحتال أحال به آخر عليه ثم المحتال الثاني أحال به آخر عليه ثم الثالث أحال به آخر عليه فكل هذا [١٦/ ب] صحيح، لأنها حوالة بحق ثابت، فلا فرق بين أن يتكرر المحتال أو المحال عليه، وليست الحوالة في ذلك كالضمان، لأن الحوالة كاسمها إحالة حق من ذمة إلى ذمة، والضمان كاسمه ضم ذمة إلى ذمة، وتضمين حق في ذمة. وأما قول المزني رحمه الله:«فأحاله على رجل له عليه ألف درهم» دليل على أنه لا تصح الحوالة على من لا حق عليه.
فرع
لو كان له على رجل ألف درهم فقال لآخر: لا حق له عليه أحلتك بألف درهم على فلان على أنك إذا أخذت منه فأنت بريء مني، قال ابن سريج: لا يصح هذا الشرط، والظاهر أنه وكالة لأنه لا يجوز أن يكون حوالة ولا حق له عليه ولا يجوز أن يكون هبة له لأنه هبته ما في ذمة الغير لا تجوز. فإن مات المحال عليه لم تبطل الوكالة، وإن مات المحيل بطلت، لأن الوكالة تبطل بموت الموكل.
فرع آخر
لو أحاله على رجل بدين له عليه ثم دفع المحيل المال الذي كان عليه إلى المحتال صح قضاؤه للدين عن المحال عليه، ولا يرجع به عليه لأنه قضى عنه الدين بغير إذنه، وقال أبو حينفة: له الرجوع به ولا يكون متبرعًا بناءً على أصله أن الدين باقي في ذمة المحيل من طريق الحكم، ولهذا يرجع عليه عند تعذره، وهذا غلط لأنه لا يملك إبطال الحوالة وإسقاط حقه عن المحال عليه فما يدفعه يكون تبرعًا فلا رجوع به.