إذا جوزنا ضمان العهدة فإن سلمت له الدار فقد بان أنه ما كان ضامنًا بشيء, وإن لم يسلم له الدار لا يخلو, إما أن يبطل ذلك بأمر حادث أو بمعنى قارن العقد, فإن كان بأمرٍ حادثٍ مثل الاحتراق في يده أو في يد البائع قبل القبض أو تقايلا فعادت إلى البائع بالإقالة أو غصبها غاصب منه فلا شيء على الضامن لأنه إنما ضمن عنه الاستحقاق الموجود عند العقد ولم يوجد ذلك. وإن كان ذلك بأمر قارن العقد, فإن كان بغير تفريط من البائع لم يرجع به عليه وعلى الضامن وهو الأخذ بالشفعة بل يرجع بالثمن على الشفيع. وإن كان بتفريط من البائع, فإن كان التفريط تدليسًا بعيب أصاب المشتري به عيبًا فرده بالعيب يرجع بالثمن على البائع ولا يرجع به على الضامن لأنه ليس يدرك نص عليه الشافعي وكذلك لو فسخ البيع في مدة الخيار, لا يرجع بالثمن على الضامن. ومن أصحابنا من قال: فيه وجهان:
أحدهما: هذا.
والثاني: أن الرجوع به على الضامن لأنه استحق الثمن بسبب, فإن العقد حصل بتفريط البائع فكان له الرجوع به على الضامن كما لو استحق وهذا لا يصح لأن الضامن إنما ضمن ما وجب وهذا لم يكن واجبًا. ولأن ملكه زال عنه بسبب حادث فأشبه إذا تلف في يد البائع. ولو كان فيه عيب وحدث عند المشتري عيب آخر يكون له رده وله الرجوع بأرش العيب ويرجع به على البائع. وهل يرجع به على الضامن؟ على ما ذكرنا من الخلاف.
وقال ابن سريج: فإن صرح وقال: ضمنت لك كل دَرَك يلحقك من عيب وغيره يرجع به عند وجود العيب على الضامن وكذلك في أرش العيب. وقال القاضي الطبري: لا يصح ضمان الأرش بحال وجهًا واحدًا لأنه مجهول ولم يجب بعد لأن الأرش لا يجب بالعقد وإنما يجب بتعذر الرد بحدوث عيب آخر في يده فلا وجه [٢٥/ب] لما ذكر بعض أصحابنا. وإن كان التفريط بالاستحقاق فإن المستحق يأخذ ما استحقه ويتصرف فيه. ثم لا يخلو الاستحقاق من أحد أمرين إما أن يكون في الكل أو في البعض, فإن كان في الكل رجع على من شاء منهما بالدرك. وإن استحق البعض أو كان المبيع عبدين فاستحق أحدهما بطل البيع في المستحق. وهل يبطل فيما عداه؟ قولان فإذا قلنا: يبطل في الكل رجع بحصة المستحق على من شاء منهما, وبغير المستحق وجهان: أحدهما: يرجع به أيضًا على من شاء منهما لأنه لحقه بسبب الاستحقاق.
والثانى: يرجع به على البائع وحده دون الضامن وهذا أصح لأن الدرك لحقه في نصف الثمن, وفساد البيع في النصف الآخر ليس من جهة الدرك لأن الدرك هو