وهذا كما قال: إذا قدَّم رجل رجلًا إلى الحاكم وادعى عليه أنه باع منه ومن رجل آخر غائب عبدًا بألف درهم، وإن كل واحد منهما كفيل ضامن عن صاحبه بأمره وأنه مطالبٌ له بالألف فلا [٣٠/ أ] يخلو المدعى عليه إما أن يقرّ به أو ينكره، فإن أقر به لزمه. فإذا قدم الغائب فإن صدقه على إقراره رجع بنصف الألف عليه، وإن لم يصدقه لا يقبل إقرار المدعى عليه على الغائب ولم يكن له الرجوع عليه. وإن أنكر المدعى عليه لا يخلو إما أن يكون له بينة أو لا بينة له، فإن لم تكن له بينة فالقول قوله مع يمينه فإذا حلف برئ. ثم إذا قدم الغائب لا يخلو إما أن ينكر أو يقر فإن أنكر فالقول قوله مع يمينه. وإن أقر يلزمه خمسمائة درهم وهي التي لزمته بالشراء، فأمّا ما لزمه بالضمان عن صاحبه فقد سقط عنه لأن صاحبه قد برئ عنه بيمينه، وإذا برئ المضمون عنه برئ الضامن ومن أصحابنا من قال: ما لزمه بالضمان لم يسقط عنه ويؤخذ بإقراره لأن اليمين لم يبرئه من الحق بل أسقط عنه المطالبة في الظاهر ولهذا تسمع البينة عليه، وإذا أقامها لزم الضامن. وإن كانت له بينة فأقامها فإنه يقضى بها على الحاضر بألف درهم نصف بالشراء ونصفه بالضمان فإذا قدم الغائب فإن كان الحاضر لما قدم إلى الحاكم وأنكر قال: ما اشتريت وما ضمنت فإنه قد كذّب بينة المدعي وأقر بأن ما غرمه ظلم لحقه من جهة المدعي فلا يرجع به على الغائب. وإن أنكر الشراء وسكت عن الضمان كان له الرجوع عليه بخمسمائة لأنه لم يكذب البينة، قال ابن أبي هريرة: وهكذا إذا قال: لا أقر ولا أنكر فسمع الحاكم عليه البينة وقضى بها عليه رجع هو على الغائب وهذا جواب عن سؤال يقال: الخصم الحاضر أنكرها ادعى المدعي من الشراء والضمان فكيف يرجع على الغائب بنصف الألف وهو يزعم أن المدعي مبطل في