بعد الحدث لا يخلو إما أن يسافر قبل المسح أو بعده، فإن سافر قبل المسح نُظر، فإنه كان قبل فوات وقت الصلاة مثل إن أحدث مع الزوال وسافر قبل خروج وقت الظهر، ثم مسح في السفر مسح مسح مسافر. وقال المزني. يمسح مسح مقيم، لأن ابتداء المدة كان في حال الإقامة.
وقال القاضي [٢٤٢ أ/١] الطبري: لا يوجد هذا عن المزني، وله يدل على خلاف هذا، والدليل عليه أنها عبادة تختلف بالحضر والسفر، فكان كيفية فعلها معتبرًا بحال الفعل لا بابتداء وقتها كالصلاة، وينكسر معناه بهذا، وإن سافر بعد خروج وقت الظهر ثم مسح في السفر، فإنه يصلي الظهر صلاة حضر لأنها صارت قضاء، والمسح يكون مسح مسافر. وقال أبو إسحاق، والمزني: يمسح، مسح مقيم، لأن خروج وقت الصلاة هو بمنزلة التلبس بفعل الصلاة في وجوب إتمامها، فكذلك في المسح، وهذا غلط لأنه سافر قبل التلبس بالمسح فيمسح مسح المسافر كم لو سافر في الوقت، ويفارق الصلاة لأنها تفوت بانقضاء وقتها ويستقر قضاؤها في الذمة، والقضاء مثل الأداء، والمسح لا يقضي بل كل حال يؤتي به يكون أداء فاعتبر بحال فعله، وإن أحدث في الحضر ومسح، ثم سافر، أتم مسح مقيم يومًا وليلة من الحدث، وبه قال أحمد، وإسحاق، وقال أبو حنيفة: والثوري: يمسح مسح مسافر، وهذا غلط لأنها عبادة تتغير بالحضر والسفر، فإذا تلبس بها في الحضر، ثم سافر كان الاعتبار بحكم الحضر، كالصلاة [٢٤٢ ب/١] إذا دخل فيها مقيمًا، ثم سافرت السفينة، وصار مسافرًا يصلي صلاة المقيم، وقال المزني: يبني إحدى المدتين على الأخرى ويقسط ذلك على الزمان، فإن كان مقيمًا فمضى من هذه الإقامة ثلثها من حين الحدث إلى أن سافر فله أن يمسح من السفر يومين ثلثي مدة السفر في مقابلة ما بقي من مدة الحضر، وهو ثلثا يوم وليلة، وهذا غلط لأنه إذا اجتمع السفر والحضر في العبادة، إما أن يغلب حكم الحضر
دون السفر أو السفر دون الحضر، والجمع بينهم محال؛ لأنه يؤدي إلى أن يصلى المسافر ركعة من الظهر، ثم نوى الإقامة فيضيف إليها ركعتيه فيصلي الظهر ثلاثًا وهو خلاف الإجماع، ولو لبس الخفين مسافرًا، ثم أقام يغلب حكم الحضر، ويمسح مسح المقيمين، فإن أقام قبل انتهاء يوم وليلة أكملها، وإن أقام بعد انتهائها بطل حكمه، وبه قال جماعة الفقهاء، وقال المزني: ههنا أيضًا يبني إحدى المدتين على الأخرى، فإن كان قد مضى يوم وليلة، ثم أقام، فقد مضى ثلث مدة السفر، فيضيف إلى هذا اليوم في الحضر ثلثي هذه المدة فيصلي بعد ذلك المسح [٢٤٣ أ/١] ثلثي يوم وليلة.
فرع
لو سافر، ثم شك ها أنشأ المسح في الحضر أو في السفر أخذنا بالاحتياط، وهو أنه أنشأه في الحضر، فإن ذكر أنه أنشأه في الحضر فقد تحقق ذلك، وإن ذكر أنه أنشأه في السفر كان له إكمالها ثلاثًا من الحدث، وليس هذا كمن شك في صلاته، هل نوى القصر أم لا؟ يلزمه الإتمام، فول زال شكه في الحال لم يجز له إلا الإتمام؛ لأن الصلاة يرتبط بعضها ببعض، فإذا لزمه الإتمام في بعضها لزمه في كلها، والمسحات