فيعطي كل واحد منهما عبده الذي ينفرد به بما عليه من الثمن فيكون العبدان المبيعان بينهما وهذا يصح إذا وقع الشراء مطلقًا ونقد كل واحٍد منهما ما عليه، فإن كان على شرط لا يصح.
وإن كان لكل واحٍد منهما عبد فاشتريا بهما ثوبًا فقد ذكرنا في صحة البيع قولين:
أحدهما: لا يجوز لأنه تتفاوت قيمة العبدين ولو بأدنى شيء فلا يدري كل واحٍد منهما كم حصته من الثوب وقت الشراء.
والثاني: يجوز ثم يوزع الثوب على قيمة العبدين، ثم يصيران شريكين في الثوب شركة صحيحة. وقد قال ابن سريج: القولان فيه كالقولين في الصداق إذا تزوج أربع نسوة على صداق واحد. وقال أبو إسحاق: هذا باطل قولًا واحدًا، والفرق أن الصداق تبع لعقد النكاح الذي لم يكن للإجماع تأثير في فساده فكان الصداق بمثابته وها هنا الثمن المقصود والجهالة فيه تمنع صحته فافترقا.
وأما العروض التي لها مثل كالحبوب والأدهان والتمور اختلف أصحابنا فيه، قال ابن سريج وأبو إسحاق: يجوز فيها الشركة كالأثمان لأن الحنطة إذا اختلطت بالحنطة تعذر التمييز، ويؤمن فيه المعاني التي ذكرناها فيما لا مثل له لأنه متى تغيرت قيمة أحدهما تغيرت قيمة الأخر ويفارق المضاربة لأنه ربما يزيد قيمة جنس رأس المال فينفرد رب المال بجميع الربح، وذلك لا يجوز، وهذا أصح وهو ظاهر كلام المزني لأنه قال:"ولا فيما يرجح في حال المفاصلة فيه إلى القيمة" فدل أنها تصح فيما يرجع فيه إلى المثل. ومن أصحابنا من قال: لا تجوز فيها الشركة وهو ظاهر المذهب؛ لأنه قال في "البويطي": ولا تجوز الشركة إلا في الدراهم والدنانير، وهذا لأنها ليست بنقد فلا يجوز فيها عقد الشركة كما لا تجوز المضاربة وبه قال أبو حنيفة رحمه الله.
فرع
قال أبو حامد في "الجامع": "تصح الشركة في كل شيء يتقارب أجزاؤه ويختلط ولا يتميز إذا كانت قيمة ما يختلط به سواء"، وهذا لأن قيمة أحدهما إذا كانت أكثر فخلطاهما نقصت قيمته بالخلط، ولا يجوز أن يشترط فيما يلحقهما ضررًا بالشركة فإن كانت حنطتان قيمة إحداهما أكثر من قيمة الأخرى [٤٧/ أ] فخلطاهما لم يكونا شريكين شركة التجارة حتى يبيعا، فإذا باعا كان الثمن مشتركًا بينهما، فإذا أذن كل واحد منهما لصاحبه في التصرف في نصيبه نفسه صارا شريكين.
فرع آخر
لا تجوز الشركة في الفلوس والمزيفة والزرنيخة والدراهم المغشوشة، لأن الفضة فيها مجهولة ويجب أن يكون مال الشركة معلومًا.
فرع آخر
متى صححنا الشركة بينهما فلكل واحٍد منهما أن يتصرف في قدر ملكه بما شاء من