لو كان في الخف خرق وفيه جورب يواري القدم لم يجز المسح؛ لأن الخف ليس هو بجورب، ولولا الجورب بدا رجله نص عليه في "الأم".
فرع آخر
قال: لو انفتقت ظهارة الخف وبطانته صحيحة لا يرى [٢٤٥ ب/١] منها قدمه جاز المسح له، لأن هذا خف كله. وقال بعض أصحابنا: أراد به إذا كانت البطانة صفيقة، مثل أن يكون جلدًا أو خرقًا ألصق بعضها ببعض، فأما إن كانت البطانة رقيقة لا يمكن متابعة المشي عليها لا يجوز المسح عليه.
وقال القاضي الطبري: هذا خلاف نص الشافعي وما يوجب تعليله، ولهذا لو كان الخف طباقًا واحدًا فتشقق ظاهره ولم ينفذ فإنه يجوز المسح عليه ويخالف اللفافة، لأنها منفردة عنه، وقال الشافعي بعد هذا:"وكذلك كل شيء ألصق بالخف فهو منه".
وهذا كما قال ساتر الرجل يحتاج إلى ثلاثة شرائط ليجوز المسح عليه: أحدهما: أن يكون ساترًا لجميع القدم إلى ما فوق الكعبين. والثاني: أن يكون صفيقًا لا يشف الماء لصلابته وصفاقته حين يصب عليه بل يرد الماء. والثالث: أن يمكن متابعة المشي عليه في الحوائج ولا يشترط أن يمكن مشي الفراسخ عليه، ولا يعتبر بمن في رجله علة تمنعه من ذلك. فإن تقرر هذا ينظر في الجوربين، فإن كان رقيقين غير مجلدين ولا منعلين لم يجز [٢٤٦ أ/١] المسح عليهما، وقال أحمد وإسحاق: يجوز المسح إذا كان صفيقًا، وبه قال عمر، وعلي - رضي الله عنهما - وهو مذهب أبي يوسف، ومحمد، وداود، واحتجوا بما روي هزيل بن شرحبيل عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم بال وتوضأ ومسح على الجوربين والنعلين. وروي أبو موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسح الجوربين، وروي أنس أنه مسح على قلنسوته وعلى جوربيه. وهذا غلط؛ لأنه لا يمكن متابعة المشي عليه، فلا يجوز المسح عليه كالخرقة الملفوفة على الرجل.
وأما خبر الغيرة قلنا: طعن فيه عبد الرحمن بن مهدي، وقال: المعروف عن الغيرة المسح على الخفين ثم نحمله على النعل، ولأنه ذكر فيه النعلين ولا يقولون به، وأما خبر أبي موسى قال أبو داود: ليس بالقوي ونحمله على ما ذكرنا، وإن كانا مجلدي القدمين إلى فوق الكعبين منعلين من أسفل يجوز المسح عليهما قولًا واحدًا، وإن كانا غير مجلدين، ولكنهما صفيقان ظاهر ما نقل المزني أنه لا يجوز