وقال في "الحاوي"(١): للشريك الذي لم يبع أن يرجع على البائع بحصته بيمين المشتري وحده بعد نكول البائع عن اليمين لأن اليمين بعد النكول إما أن يجري مجرى البينة أو مجرى الإقرار وبكل واحد منهما يثبت الرجوع. وهذا لا يصح عندي لأن اليمين حجة في حق الحالف لا يدخلها نيابة فلم يثبت حق أحدهما بيمين الآخر.
وقال [٥٧/ أ] بعض أصحابنا بخراسان: من فوائد السواد أن الرجل إذا قال لوكيله: بع هذا العبد ولم يزد عليه له أن يسلم العبد ويقبض الثمن، وفيه خلاف بين أصحابنا وهذا هو الصحيح إن شاء الله لأن ذلك عادة التوكيل غالبًا لأن المزني أطلق فقال: فأمر أحدهما صاحبه ببيعه فباعه ولم يشترط في تصوير المسألة أن يوكله بالقبض والتسليم صريحًا.
فإن قيل: من أين لك أن المزني جعل للوكيل ولاية القبض في هذه المسألة؟. قيل: لأنه أبرأ المشتري من نصيب المقر لما أقر بقبض وكيله ولو لم يكن له ولاية القبض الصحيح لما أبرأه بالقبض من جهته. وقيل: للوكيل إقباض المبيع لأن الإيجاب يقتضي الإقباض فإذا قبض المبيع هل له قبض الثمن؟ وجهان: أحدهما: ليس له، والثاني: له ذلك لأن الثمن في مقابلة المثمن فإذا كان له تسليم المثمن كان له قبض الثمن. وكذلك إذا وكله بالشراء هل له إقباض المبيع؟ وجهان. وان كانت المسألة بحالها إلا أن الشريك الذي باع هو الذي أقر أن الذي لم يبع قبض الثمن كله فلا تخلو هذه المسألة من أربعة أحوال:
إما أن يكون كل واحد منهما أذن لصاحبه في قبض الثمن.
أو كان أذن الذي باع للذي لم يبع في قبض الثمن ولم يأذن الذي لم يبع للذي باع في قبض الثمن.
أو لم يأذن واحد منهما لصاحبه في قبض حصته من الثمن.
أو أذن الذي لم يبع للذي باع في قبض حصته من الثمن ولم يأذن الذي باع للذي لم يبع فيه. فإن كان أذن كل واحٍد منهما لصاحبه أو كان أذن الذي باع للذي لم يبع فإن الحكم في هذين القسمين مثل ما ذكرنا في المسألة قبلها وإنما يختلفان في الصورة على فالبائع في هذه كالذي لم يبع في الأولى والذي لم يبع في هذه كالبائع في الأولى والفقه على ما ذكرناه.
وان لم يأذن واحد منهما لصاحبه في قبض الثمن فإن المشتري لا يبرأ من شي، من الثمن فإن الباثع يقول: دفعت جميع الثمن إلى شريكي ولا يقبل قوله على شريكه في حصته فلا يبرأ منه ولا يبرأ من حصة المقر أيضًا [٥٧ /ب] لأنه يقول: دفعت حصتي إلى شريكي ولم أوكله في قبض الثمن فدفعت حصتي إلى من لا يجوز لك أن تدفع إليه، فإذا كان كذلك لم يبرأ من شيء من الثمن وللبائع مطالبته بحصته من الثمن ولا