الحاكم ذلك إلا أن يقيم البينة أن الذي وكلني بخصوماته هو فلان ابن فلان أو يحضرا عنده فقال: هذا وكيلي فعرفهما الحاكم بأسمائهما أو أنسابهما فيصح أيضا.
فرع آخر
لو وكل وكيلين وأشهد على نفسه ثم غاب هو وأحد الوكيلين فحضر الحافر منهما عند الحاكم وادعى أنه وكيل فلان الغائب هو وفلان فشهد له به شاهدان سمعها الحاكم وحكم بها وثبتت وكالته ولم يكن له أن يتصرف وحده لأن الموكل ما رضي باجتهاده وحده فإن حضر الوكيل الآخر نُظِر، فإن ادعى الوكالة لم يفتقر إلى استئناف الشهادة بها لأن الحاكم سمعها وحكم بها فيدخل في الوكالة بغير استئنافها وإن حضر وأنكر الوكالة لم يكن وكيلًا لأنه كذب شهوده وإن حضر وقبلها وثبتت وكالته ثم عزل نفسه انعزل ولم يكن للآخر أن يتصرف وحده لما مضى، ولا للحاكم أن يضم غيره إليه لأن الموكل رشيد لا يولى عليه.
وقال أبو حنيفة في الطلاق والعتاق: لأحدهما أن ينفرد في التصرف دون البيع الذي يفتقر إلى اجتهاده. ولو كانت المسألة بحالها فوكلهما معًا فكل واحد منهما له أن يتصرف منفرداً لأنه رضي باجتهاد كل واحد منهما. فإن حضر الغائب له أن يتصرف منفردًا أيضا إذا أقر بالوكالة. وإن كان هذا في الوصية فأوصى إليهما ومات الموصي وغاب أحد الوصيين فحضر الحاضر الحاكم وادعى الوصية إليه وأقام البينة ثبتت الوصاية ولم يكن له التصرف وحده. وإن حضر الغائب وادعاها دخل معه في الوصايا من غير استئناف بينة. وإن جحد زالت وصايته. وإن حضر وقبل ثم عزل نفسه زالت وصايته ولم يكن للباقي أن يتصرف وحده وللحاكم أن يضم إليه غيره لأنه ينوب عن الميت بخلاف الوكالة، وهذا لأنه لا نظر له فيمن لا يؤتى عليه. وإن أراد الحاكم أن يرد الأمور إلى هذا الواحد فيه وجهان، أحدهما: ليس له ذلك لأن الحاكم يملك تنفيذ الأحكام دون التغيير. والثاني: له ذلك كما يملك [٦٤/ ب] أن يضم إليه غيره. وإن كان أوصى إلى كل واحد منهما لا يحتاج إلى ضم أخر إليه بحال.
مسألة (١): قال: فإن وكله بخصومة فإن شاء قبل وإن شاء ترك.
وهذا كما قال: إذا وكل رجلًا في خصومة رجل فإن شاء قبل الوكالة وإن شاء ترك لأنه عقد فلا يلزمه قبوله كسائر العقود. فإن قيل: فإن شاء أقام على الوكالة وإن شاء فسخ لأن الوكالة عقد جائز من الطرفين. ولو شرط للوكيل فيها عوضا اختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال: إذا دخله العوض فصار لازمًا وصار بمنزلة الإجارة. وقال في "الإفصاح": يكون جائزًا ولا يصير لازمًا وهذا أصح إلا أن يتعاقدا بلفظ الإجارة لأنه وإن دخله العوض فهو عقد وكالة بدليل أنه يجوز عقدها على منافع مجهولة لأنه إذا قال: وكلتك في خصومة فلان على كذا وكذا درهمًا يجوز والإجارة على منافع مجهولة