لا يمسح عليهما، وبه قال مالك في رواية، ووجهه أنه لا يخلو هذا الفوقاني إما أن يكون بدلًا عن الرجل، أو عن التحتاني لا يجوز أن يكون بدلًا عن التحتاني؛ لأن البدل لا يكون له بدل في الطهارة كالتيمم وليس هو ببدل عن الرجل؛ لأنه لو كان بدلًا عن الرجل لكان إذا نزعه لا يبطل المسح؛ لأن الرجل لم تطهر. وقال في "القديم" و"الإملاء": يمسح عليهما. وهكذا لو لبس خفًا ثالثًا على الثاني مسح على الثالث، وبه قال أبو حنيفة، والثوري، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق واختاره المزني، وروي ذلك عن مالك، ووجهه ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الموق وهو الجرموق، ومن قال بالأول أجاب عن هذا فإن الموق هو الخف، ولكن ساقه إلى القصر، واحتج المزني بأن في الجرموق مرفقًا. قلنا: هو مرفق نادر غير عام فلا حكم له كالقفازين والقلنسوة، فإذا قلنا: لا يجوز المسح عليه قال في "الأم": عليه أن يطرح الجرموقين ثم يمسح على الخفين. وظاهره أنه إذا أدخل يده في جوف الجرموق ومسح على الخف السفلاني لا يجوز وليس هذا كما لو أدخل يده [٢٤٩ أ/١] فضعف أمره فلم يجز المسح عليه مع استتاره، واختص بأكمل صفات المسح هكذا ذكره أبو حامد.
وقال القاضي الطبري: هذا غلط قبيح، والمذهب أنه يجوز لأنه أوصل الطهور إلى محله، فصار كما لو غسل الرجلين في وسط الخفين الواسعين يجوز، والذي قال في "الأم" محمول على الغالب من الجرموق، فإنه لا يتأتى المسح على ما تحتهما من الخف إلا بطرحهما، وهذا هو الصحيح الذي لا يخل أن يقال غيره، والفرق الذي ذكره لا معنى له في تأثير المسح.
وإذا قلنا: يجوز المسح فهل له أن يمسح على الخفين بأن يدخل يده ويمسح عليهما. قال القاضي الطبري: يحتمل وجهين. أحدهما: لا يجوز لأنه إذا جاز المسح على الظاهر لم يجز له أن يمسح على الباطن، كما لو أدخل يده في الخف، ومسح على ظاهر الجلد الذي يلي رجله لا يجوز. والثاني: يجوز لأن كل واحد منهما هو محل للمسح، بدليل أنه لو نزع الفوقاني جاز له أن يمسح على التحتاني، فجاز له المسح على كل واحد منهما،
وهذا الوجه أصح، ويفارق هذا إذا مسح على ظهر الجلد؛ لأن المأخوذ عليه أن يمسح على ما جرى مجرى القدم في الطهور وناب عنه، ولا يوجد هذا المعنى في [٢٤٩ ب/١] ظهر الجلد بخلاف مسألتنا، فإن الخف التحتاني جار مجرى القدم في الظهور وإنما ستره غيره، فجرى ذلك مجرى غسل الرجلين في الخف، فإذا تقرر هذا فاعلم أن ابن سريج قال: على أي معنى يجوز المسح على الجرموقين؟ ذكر أصحابنا ثلاث معان: أحدهما: وهو قول أبي حنيفة إلا على بدل عن الأسفل، والأسفل بدل عن الرجل. والثاني: أن الأسفل كاللفافة والثالث: أن الأعلى مع الأسفل كالبطانة مع الطهارة، وعلى هذه المعاني مسائل منها: إذا مسح على