قامت به البينة، فإن لم يعرفه ذلك ولم تقم به البينة فإن صدقه البائع كان له رده، وإذ كذبه لم يكن للموكل رد السلعة على البائع ولكنه بالخيار إذ شاء رضي بها معيبة وإذ شاء ردها على الوكيل وطالبه بما دفع إليه من الثمن، فإن ردها على الوكيل لم يكن للوكيل ردها على البائع لأنه قد رضي بعيبها.
قال والدي رحمه الله: هكذا ذكر صاحب "الإفصاح" وقيل: نص عليه الشافعي وليس بواضح الشراء صح للموكل ووقع الملك له فلا ينصرف الملك إلى الوكيل برده عليه.
وقال أبو حامد: يلزم الموكل ها هنا معيباً ويرجع على الوكيل بالنقص الذي أدخله عليه بتفريطه ترك الرد مع الإمكان لعدم إعلام الموكل. ثم فيه وجهان:
أحدهما: يرجع بأرش العيب من الثمن وهو الأصح، لأنه عيب فات الرد به من غير رضاه فوجب الرجوع بالأرش. والثاني: قاله أبو يحيى البلخي: يرجع بما لحقه من النقص في القيمة، فإن كان قيمة المبيع معيباً والثمن الذي وقع به البيع سوا، لا نقص هناك لا يرجع بشيء، وإذ كان الثمن أكثر رجع بذلك القدر. وإن وكله ني شراء سلعة معينة فاشتراها ثم وجد بها عيباً اختلف أصحابنا على وجهين: أحدهما: له أن يردها لأن توكيله شرائها اقتضى سلامتها من العيوب كما لو لم يعين السلعة وقيل: [٩٤/ب] نص عليه في "اختلاف العراقيين" والثاني: ليس له ردها لأنه لم يكله إلى اجتهاده وإنما وكله بشرائها فقط فلم يجز له ردها وكان ذلك إلى الموكل، فإن شاء ردها، وإن شاء رضي بها.
فرع
قال ابن سريج: لو دفع إليه ألفاً وأمره أن يشتري له طعاماً فاشتراه له فبان الألف معيبا فيه مسألتان:
إحداهما: إذا بان العيب قبل أن يقبض البائع الثمن. والثانية: إذا بان ذلك بعد أن قبض البائع الثمن فإن بان ذلك قبل أن يقبضه البائع لم يخل من أحد أمرين: إما أن يكون الشراء بعين المال، أو في الذمة، فإن كان بعين المال نُظر فإن كان العيب من غير جنسه فالعقد صحيح والبائع بالخيار بين أن يقيم على البيع أو يفسخ، فإن أقام عليه قبض الثمن ناقصاً. وإن اختار الفسخ فسخ والثمن أمانة في يد الوكيل، وإن اختار البائع المقام على البيع وأخذ بدل الثمن لم يَجُز لأن البيع إذا تعلق بعين الثمن لم يجز البدل ويكون الثمن أمانة في يد الوكيل، فإن تلف في يده بلا تفريط فلا ضمان عليه. وان كان الشراء في الذمة فالعقد صحيح قولاً واحداً وملك الموكل الطعام ووجب للبائع الثمن، فإن كان العيب في الثمن من غير جنسه أبدله الموكل. وان كان العيب من جنسه فالبائع بالخيار بين أن يقبله ناقصاً وبين أن يطالب بالبدل لأن البيع ما تناول عين الثمن فيجوز البال. وإن قبض البائح الألف ثم علم بالعيب لا يخلو إما أن يكون الشراء بعين المال أو بالذمة، فإن كان بعين المال فإن كان العيب من غير جنسه فالبيع