أحدهما: يجب على الموكل لأن الثمن على من ملك المثمن وملك المثمن للموكل دون الوكيل، وللبائع مطالبة الموكل به وله مطالبة الوكيل أيضاً ويكون بمنزلة الضامن ومباشرته قبول العقد بنفسه وعلى هذا إن غرم الوكيل رجع به على الموكل لأنه يضمن بأمره، وإن غرم الموكل لم يرجع به على الوكيل. وعلى هذا إن أبرأ البائع الموكل من الثمن فإن الثمن يسقط، وإذا أبرأ الوكيل فإن الثمن لا يسقط عن الموكل وهذا هو المذهب وعبر أصحابنا عن هذا الوجه بأن الثمن يلزم في ذمة الموكل وذمة الوكيل على سبيل الضمان.
والثاني: أن الثمن لزم الوكيل دون الموكل لأن حقوق العقد تتعلق بالعاقد، ألا ترى أن الوكيل إذا فارق في الصرف من المجلس قبل القبض بطل الصرف؟ وإن كان الموكل في المجلس وقبضه وإن فارق الموكل دون الوكيل لم يبطل الصرف فعلى هذا ليس للبائع مطالبة الموكل بالثمن وإنما المعاملة بينه وبين الوكيل. وعلى هذا إذا برئ الموكل لا يسقط الثمن، وإذا برئ الوكيل سقط وهل للوكيل مطالبة الموكل في الثمن في الحال؟ خرَّج ابن سريج فيه وجهين: أحدهما: له مطالبته في الحال كما ثبت للبائع الثمن في ذمة الوكيل ثبت للوكيل في ذمة مثله وهذا ضعيف قيل: إنه كما لو أعار عبده منه ليرهنه لنفسه فحينئذ كان له مطالبته بفكاكه والثاني: ليس له مطالبته به حتى يدفع الثمن إلى البائع، فإذا دفع الثمن إلى البائع كان له أن يرجع عليه به وجرى هذا مجرى الحوالة على من لا حق عليه. وفرع ابن سريج على هذا فقال: لو قال لرجل: بعْ عبدك هذا من زيد بألف على ذمتي فباعه من زيا صح وتلف في يد العبد ولم يملك عليه الثمن، ويكون الثمن على الضامن، والمطالبة عليه وحده فإذا دفع الثمن إلى البائع من عنده هل يرجع به على المشتري؟ نظر فإن دفع الثمن بإذنه رجع عليه وإن كان بغير إذنه لم يرجع به عليه لأنه قد تطوع به، وبه قال أبو حنيفة والأصح ما ذكرناه فيما قبل أنه باطل لأن البيع وجب تمليك المبيع مؤقتاً فلا يجوز، وعلى ما ذكرنا لو كان وكيلاً في [٩٦/أ] الاستسلاف فاستسلف له ألفاً في كر من طعام ملك الموكل الثمن من المسلم وطعام المسلم في ذمة من وجب على ما ذكرنا من الخلاف.
فرع آخر
إذا قلنا: ليس للوكيل مطالبة الموكل ما لم يغرم فيما ذكرنا من المسألة لو أبرئ عن الوكيل لا يرجع على الموكل وإذا قلنا له مطالبته به قبل الغرامة لو أبرأ الوكيل منه رجع به على الموكل ولو دفع الوكيل بالثمن عرضاً فإن قلنا: لا يطالبه به قبل الغرامة رجع على الموكل بأقل الأمرين من الثمن أو قيمة العرض، وإن قلنا: بالوجه الآخر رجع الوكيل عليه بالثمن دون قيمة العرض.
فرع آخر
لو أراد الوكيل أن يمنع الموكل من البيع حتى يقبض الثمن لم يكن له على