احتمل السن ذلك ولا يمين عليهما، ولا يقال: هذا إقرار غير بالغ بل هو إقرار بالغ. وللمراهق في بعض المواضع عبارة مسموعة وإن كان مردودا ًفي الإقرار في حق يلزمه في ذمته ألا ترى أنه يحيى بين أبويه وهو ابن سبع سنين فيصح اختياره.
وقد قال بعض أصحابنا: يقبل انتسابه إلى أحد المتداعيين إذا استويا في الدعوة ولم يوجد قائف إذا بلغ هذا السن ولذلك اعتبر الشافعي عبارته في مسألة أخرى فقال: إذا كشف الإمام عما تحت إزار صبيان المشركين ليفصل بين المقاتلة والذرية كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بني قريظة فصادف صبياً منهم قد أنبت الشعر تحت ثيابه فقال: أيها الإمام إني لست بالغ فإني عالجت قبل أوان الإنبات حتى أنبت قبل قوله إذا احتمل ما يقول. ولو أقر الصبي بالوصية فيه قولان مبنيان على صحة وصيته. ثم إذا بلغ هل يلزمه فيما بينه وبين الله تعالى؟ نُظر، فإن كان حقاً لزمه باختيار من له الحق كالقرض ونحوه لم يلزمه، وإن كان حقاً لزمه بغير اختيار من له الحق كالغصب وإتلاف المال يلزمه [١٠٠/أ] ذلك.
وأما المغلوب على عقله بجنون أو مرض، أي مرض كان سواء زال عقله بشيء أكله أد شربه للدواء أو بعارض لا يُدرى سببه أو أكره فأوجر الخمر مكرهاً فذهب عقله لا يجوز إقراره بكل حال. فإن أفاق فأقر في حال صحته أنه فعل شيئاً في حال زوال عقله فإن كان حقاً على البدن كالقصاص ونحوه لا يلزمه ولولي المقتول أن يأخذ الأرش ويأخذ المسروق منه السرقة. وكذلك البالغ لو أقر أنه صنع شيئاً من هذا في صغره وإن كان حقاً في المال فالحكم ما ذكرنا.
ولو أقر الخنثى المشكل قبل أن يبلغ خمس عشرة سنة كان باطلاً سواء احتلم من فرج النساء أو من ذكر الرجال ولا يجوز إقراره ما لم يبلغ خمس عشرة سنة نص عليه في الإقرار بالحكم الظاهر [(١)].
وأما المكلف فعلى ضربين: مكره، وغير مكره فإن كان مكرهاً كان إقراره ساقطاً بكل حالٍ، وإن لم يكن مكرهاً فعلى ضربين:
محجور عليه وغير محجور عليه، فإن لم يكن محجوراً عليه كان إقراره صحيحاً لازماً سواء كان حقاً على البدن أو في المال، وسواء كان طلاقاً أو عتقاً فالباب واحد، وإن كان محجوراً عليه فهو على ثلاثة أضرب محجور عليه لسفه ورق وفلسٍ، فإن كان لسفه نُظر فإن أقر بحق على البدن كالقطع والقتل والحد والتعزير استُوفي منه.
وإن كان حقاً في المال لم يلزمه في الحكم ولا يُستوفى منه بعد زوال الحجر. وأما فيما بينه وبين الله تعالى فإن كان حقاً لزمه باختيار من له الحق لم يلزمه لأن صاحب الحق ضيع حق نفسه. وان كان حقاً لزمه بغير اختيار من له الحق وهو الإتلاف لزمه فيما بينه وبين الله تعالى. وان كان حقاً في المال يتعلق به حق على البدن وهو السرقة