للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مسألة [(١)]: قال: فإنْ قالَ الرَّجُلُ لفلانٍ: علي َّشيءٌ ثم جحدَ.

الفصل

وهذا كما قال: الإقرار ضربان: ابتداء الإقرار، وجواب عن دعوى، واعلم أن الدعوى لا تسمع إلا محررة معلومة إلا في الوصية خاصة فإنها تسمع مجهولة إذا قال: أوصى لي زيد بشيء من ماله ويرجع إلى بيان الورثة. فإذا حرر الدعوى فقال: لي عليك ألف درهم، فإن أنكر فالقول قوله مع يمينه، وان أقر نظر، فإن بينها فلا كلام وإن أقر بمجهول فلا فرق أن يبتدئ بذلك أو يكون جواباً عن الدعوى فإذا قال له: عليّ شيء صح الإقرار ولزم، وإن كان مبهماً ويجب عليه تفسيره لأن من أبهم شيئاً وأجمله ثبت حكمه ويكون التفسير إليه كمجملات الكتاب والسنة، ويفارق الدعوى لأنها حق له والإقرار عليه فافترقا في الجهالة. وأيضا إذا لم تصح دعوى للجهالة كان له داع يدعوه إلى تحريرها، وفي المقر لا نأمن الرجوع عن إقراره فيسقط حق المقر له فألزمناه مع الجهالة. فإذا ثبت هذا لا يخلو إما أن يفسر، أو يمتنع من التفسير، فإن امتنع وقال: لا أفسره سألنا المدعي عن الذي أراد بالشيء فإن قال: أراد به الألف الذي ادعيت قلنا للمقر: قد ادعى عليك أنك أردت بالشيء الألف الذي ادعاه فما تقول؟ فإن قال: ما أردت ذلك وامتنع من التفسير قلنا له: إن فسرت وإلا جعلناك ناكلاً ورددنا اليمين على المدعي فيحلف أنه أراد بالشيء الألف ويقضى له به. وإن امتنع المقر له من اليمين قلنا: انصرفا فلا حكم لكما عنانا.

فقال في "الحاوي" [(٢)]: فيه قولان: أحدهما: ما ذكرنا وهو المنصوص. والثاني: قاله في كتاب "الإقرار": يحبسه حتى يفر لأنه صار مقراً وبالامتناع عن التفسير كالمانع من حقَّ عليه فيحبس به.

وقال بعض [١٠٢/ب] أصحابنا بخراسان: يحلف عند نكوله أن له عليه ألف درهم ولا يحتاج إلى أن يقول: ولقد أراد بإقراره ألفاً إذ لو لم يكن إقرار وحصل نكول كان المدعي يحلف هكذا فالإقرار المجمل لا يريد المقر له شراً وهذا حسن. وقال القاضي أبو عليّ البندنيجي رحمه الله: لا أعرف على قولنا مثل هذه اليمين فإنه يحلف على إرادة غيره بالمبهم وهو ضعيف وهذا خلاف النص، ويمكن التوصل إلى معرفته بقوله وبالإمارات الدالة عليه. وان فسر الشيء لم يخل من أحد أمرين إما أن يفسره بمال، أو بما ليس بمال، فإن فسره بمالِ نُظر، فإن فسره بجنس الدعوى فقال: أردت بالشيء عشرة دراهم فإن صدقه المدعي في التفسير أخذه منه وكان على دعواه فيما بقي من الألف. وإن قال: ما أراد بالشيء العشرة وإنما أراد به الألف قلنا له: قد ادعى عليك الألف، وادعى أنك أردت بالشيء الألف فله أن يستحلفك على الأمرين يميناً واحداً أنه لا يستحق محليك الألف ولا أردت بالشيء الألف، وما لم يجمع بين الأمرين لا


(١) أنظر الآم (٣/ ١٠)
(٢) أنظر الحاوي للمارودي (٧/ ١١)

<<  <  ج: ص:  >  >>