وأيضًا فقد قال علي- رضي الله (٢٥٨ أ/ ١) عنه: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغسل يوم الجمعة وليس بواجب".
وروى ابن عباس- رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الوتر علَّى فريضة وهو لكم تطوع".
وروى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من اغتسل يوم الجمعة فقد أحسن، ومن لم يغتسل فيها ونعمت".
وروى عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من توضأ يوم الجمعة فيها ونعمت". وهي تجزئ عنه الفريضة، ومن اغتسل فهو أفضل وهي من السنة.
وروى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن من السنة الغسل يوم الجمعة ".
وأيضًا روى عن عائشة- رضي الله عنها- أنها قالت: كان الناس عمال أنفسهم وكان مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عرش، فيفرقون فتفوح منهم رائحة الضأن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لو اغتسلتم" وهذا لفظ ندب وإرشاد لا لفظ إيجاب، وروى أنها قالت: كان الناس مهَّان أنفسهم. والمهان جمع الماهن وهو الخادم، تريد أنهم يتولون المهنة لأنفسهم في الزمان الأول حين لم يكن لهم خدم.
واحتج الشافعي عن عمر وعثمان- رضي الله عنهما- وعام الخبر ما روى أن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- كان يخطب (٣٦٩ ب/ ١) على المنبر يوم الجمعة فدخل عثمان- رضي الله عنه- فقطع الخطبة وقال لعثمان: آية ساعة هذه؟ فقال عثمان: ما زدت على أن توضأت وحضرت. فقال عمر: والوضوء أيضًا أي واقتصرت على الوضوء، وقد علمت
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا بالغسل.
فقال الشافعي:"لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَرَجَعَ عُثْمَانَ وَمَا تَرَكَهُ عُمَرُ" فهذا دليل من فعلهما جميعًا على ما ذكرنا.
وقال القفال: في هذا دليل من فعلهما دليل على أنه يجوز للمحتشم الذي يوسع الناس له أن يتخطى رقاب الناس، وإنما يكره لمن لا يرى له هذا الإيجاب، وهو كما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يُهادي بين اثنين فخرقوا له الصفوف حتى وصل إلى المحراب، لأن الطهارة تراد الصلاة، فلو كانت واجبة لما صحت الصلاة دونها، أو يقول: لأنها طهارة مأمور بها من غير حدث فلا يجب كالغسل للإحرام وأما خبرهم: قلنا: أراد به وجوب الاختيار، كما يقال: حقك علَّي واجب، ونحو ذلك. والدليل على هذا ما روى عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم ". والسواك لا يجب بالإجماع (٢٥٩ أ/ ١).