نوى التبرد لا يجوز عنه، وإن حصل المقصود كذلك هنا، وإن اغتسل ولم ينو الجنابة ولا الجمعة لا يجزئ عن واحد منهما؛ لأن كلها قربة تفتقر إلى النية، وإن اغتسل بنية الجمعة دون الجنابة، قال أصحابنا: لا تجزيه عن الجنابة قولًا واحدًا، وليس كالمحدث توضأ لقراءة القرآن ظاهرًا، أو الجنب اغتسل للعبور في المسجد يجوز له أن يصلي به في أضعف الوجهين، لأن المقصود من غسل الجمعة النظافة دون رفع الحدث بخلاف ذلك، فإنه
يتضمن رفع الحدث. وهل يجزيه عن الجمعة؟ فيه وجهان، والمذهب أنه يجزيه؛ لأنه نواها. والوجه الآخر لا يجزيه، لأنه لا تحصل النظافة. مع الجنابة. ومن أصحابنا من جعل هذا قولًا للشافعي وهو غلط.
وقال في "الحاوي" فيه ثلاثة أوجه: أحدها: لا يجزي عنهما. والثاني: يجزي عنهما. والثالث يجزيه عن الجمعة وحدها (٢٣١ أ/ ١) وهو اختيار جمهور أصحابنا.
والمستحب إذا كان جنبًا يوم الجمعة أن يغتسل للجنابة ثم يغتسل للجمعة حتى يكون قد فعل أكمل الوجوه، ذكره أصحابنا.
فرع
لو اغتسل بنية العيد حصل بعد غسل الجمعة، ولو اغتسل بنية الجمعة حصل به غسل العيد قولًا واحدًا بخلاف المسألة قبلها في أحد الطريقتين؛ لأن ذلك جنسان نفل وفرض، وهاهنا هما نقلان.
وهذا كما قال: الغسل من غسل الميت مستحب غير واجب. وقال في التقديم: أوجبه للاختيار فيه. وقال في موضع من "الجديد": لو ثبت الخبر قلت به. يعني بوجوبه، وأراد به ما روى أبو هريرة- رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من غسل ميتًا فليغتسل، ومن مسه فليتوضأ".
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي- رضي الله عنه- بعد ما غسل أباه "اغتسل" ولم يفرق بين غسل الميت والمسلم والكافر في هذا، وإنما قال:"إن صح الخبر". لأن في إسناده ضعفاء. وقيل: إنه موقوف على أبي هريرة. ومن أصحاب الجديد من خرج لصحته مائة وعشرون طريقًا.