للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن يكون معينًا أو غير معين وهذا غريب ضعيف. وقال هذا القائل: ولو قال: اشتريت منه متاعًا وهذا المتاع بألف فإن سلم سلمت ولم يقدم الإقرار بالمال أو قال: بعت داري من فلاٍن بألٍف ولم أقبض الثمن نقول لا يلزمه شيء إلا أن يوافقه المقر له. وأما قول الشافعي في (المختصر): ولا يلزمه الثمن إلا بالقبض يحتمل معنيين: أحدهما: أنه أجاب على القول الذي يقول: يجبر البائع على البداية بتسليم المبيع. ويحتمل أن يكون الكلام في هذه المسألة مستمرًا على جمع أقاويله ويكون صورته بظاهرها في بائع يدعى أنى سلَّمت السلعة إلى المشتري وصارت يدي فارغًة عنها والمشتري يجحد التسليم فيحلف ولا يلزمه الثمن بحال، لأن القبض صار منتفياً بيمينه وليس ينتظر في مستقبل وقته وإنما الأقاويل في سلعة يعترف البائع بأنها باقية في يده غير مسلمة إلى مبتاعها.

مسألة (١):قال: (ولو شهَد شاهٌد على إقراِرهِ بألٍف).

الفصل

وهذا كما قال: إذا شهد شاهٌد على إقرار رجٍل بحق بألف درهم (١٤١/ب] وشهد آخر على إقراره بألفين فإن أضافاه إلى سببين مختلفين فقال أحدهما: من ثمن ثوب، وقال الآخر: من ثمن عبد أو دار فهما مالان مختلفان. فإن ادعاهما حلف مع كل واحٍد منهما يمينًا واستحق ثلاثة آلاف. وإن ادعى أحدهما حلف مع شاهده واستحق. ولو قال أحدهما: أقر عندي بألف لزمه في شعبان، وقال الآخر: أقر عندي بألفين لزماه في شهر رمضان فالجواب فيه على ما ذكرنا. وإن أطلقاه فإنه يثبت ألف درهم بشهادتهما ويبقى الألف الآخر، فإن ادعاه حلف مع شاهده واستحقه، والفرق بين هذه المسألة وبين المسألتين الأوليين أنه يجوز أن يكون الألف الذي شهد به أحد الشاهدين أحد الألفين اللذين شهد بهما الشاهد الآخر وليس كذلك في المسألتين الأوليين فإنه لا يجوز أن يكون الألف أحد الألفين فافترقا. وهكذا لو اختلفا في صفتهما فقال أحدهما: من ضرب كذا، وقال الآخر: من ضرب آخر، أو قال أحدهما: مؤجل، والآخر قال: حال لا يثبت بشهادتهما شيء وبه قال مالك، وقال أبو حنيفة: لا يثبت بشهادتهما شيء في جميع هذه المسائل. وهذا غلط لأنه اتفقت شهادتهما على الألف لفظًا ومعنى فوجب أن يثبت كما لو شهد أحدهما بألٍف وشهد الآخر بألٍف وخمس مائة ثبت الألف بشهادتهما بالاتفاق. فإن قال قائل: أي فائدة في قول الشافعي رحمة الله عليه: فإن زعم الذي شهد بألف أنه شك في الألفين وأثبت ألفًا فقد ثبت له ألف بشاهدين؟ قلنا: قصد به التنبيه على موضع تصوير المسألة لأن المسألة مصورة في الإقرار الواحد فربما يقول قائل: إذا كان الإقرار واحدًا فما عذر هذين الشاهدين في اختلاف شهادتيهما وكيف يختلف الاستماع إذا كان اللفظ واحدًا؟ فبَّين الشافعي عذر


(١) انظر الأم (٣/ ٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>