وابن أمة أبي ولد على فراش أبي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش وللعاهر الحجر). وروي أنه قال:(هو لك هو أخوك يا عبد بن زمعة من أجل أنه ولد على فرا شه) يعني فراش أبيه، فإن قال قائل: كانت سودة بنت زمعة أخت عبد بن زمعة وليس في الخبر أنها اعترفت بالنسب فكيف ثبت النسب؟
قلنا: يحتمل أنها اعترفت أيضًا ولم ينقل خلافه. وأيضًا روي أن زمعة مات كافرًا وابنه عبد بن زمعة يومئذ كافر وسودة كانت مسلمة فكان الابن مستغرقًا جميع ميراثه فثبت نسبه بإقراره وحده، فإن قيل: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لسودة:(احتجبي منه لا يراك فصلًا). وروي أنه قال):احتجبي منه فإنه ليس لك بأخ) قلنا: إنما قال لها ذلك لأنه رأى على الغلام شبهًا بينًا بعتبة فاحتاط لها فما رآها الغلام قط. وأما قوله:(فإنه ليس لك بأخ) لم يثبت، فإن ثبت فمعناه ليس بأخ لك شبهًا، وإن كان أخًا لها بحكم الفراش. فإذا تقرر هذا فإنما يثبت النسب بإقرار الوارث إذا كان يحوز جمح الميراث. فإن كان لا يجوز لم يثبت نسبه ولا فرق بين أن يكون الإنكار من الأكثرين أو من [١٤٨/ب] واحد من جملتهم فلو خلف ابنًة واحًدة وخمسين ابنًا فأقر به البنون دون البنت لم يثبت نسبه، ولكن الشافعي فرضها إذا خَّلف ابنين فأقر أحدهما بأخ ثالث فقال: هذا أخي ابن أبي، أو قال: هذا ولد على فراش أبي لن يثبت نسبه ولم يشاركه فيما في يده من الميراث في الحكم قوًلا واحدًا وبه قال ابن سيرين. وقال مالك وابن أبي ليلى وأبو حنيفة وأصحابه وأحمد وعبيد الله العنبري: لا يثبت النسب ولكن يثبت الميراث. ثم اختلفوا فقال مالك وابن أبي ليلى وأبو يوسف ومحمد وعثمان البتي: يأخذ ثلث ما في يده كأنهم ثلاثة، وقال أبو حنيفة: يأخذ نصف ما في يده كأنهما اثنان. وهذا غلط لأنه أقر بنسٍب لم يثبت فلا يثبت به الإرث كما لو أقر بمعروف النسب.
فرع
إذا علم أنه أخوه وأن المنكر يظلمه في الإنكار هل يلزمه فيما بينه وبين الله تعالى أن يدفع إليه من سهمه الذي ورثه قدر حقه منه أم لا؟ فيه وجهان أحدهما: لا يلزمه لأنا حكمنا بإبطال النسب الذي هو سبب استحقاقه. والثاني: وهو المذهب الصحيح يلزمه لأن بطلان النسب في ظاهر الحكم دون باطنه ونحن نلزمه في باطن الحكم دون ظاهره، ولو عاد هذا المنكر وأقر به ثبت نسبه وورث مما في يدهما فإصراره على الإنكار لا يبطل حقه مما في يده.
فرع آخر
إذا قلنا بالمذهب الصحيح ففيما يستحقه عليه وجهان:
أحدهما: يلزمه دفع الفاضل من سهمه إذا اشتركوا وهو السدس الزائد على الثلث كما قال مالك لأنه يقول: نحن ثلاثة أخوة لكل واحٍد منا ثلث التركة وفي يدي نصفها